بأقوال العلماء، إنما معناها عدم العلم بالمنازع، ليس معناها الجزم بنفي المنازع، فإن ذلك قول بلا علم.

ولهذا رد الأئمة -كالشافعي وأحمد وغيرهما- على من ادعاها بهذا المعنى، وبسط الشافعي في ذلك القول.

وأحمد كان يقول هذا كثيرًا، ويقول: من ادعى الإجماع فقد كذب، وما يدريه أن الناس لم يختلفوا؟ ولكن يقول: لا أعلم مخالفًا.

وأبو ثور قال: إن الذي يذكر من الإجماع معناه أنا لا ننعلم منازعًا. ثم ما يعرف من ادعى الإجماع في هذه الأمور إلا وقد وجد في بعض ما نذكره من الإجماعات نزاعًا لم يطلع عليه، كما قد بسط الكلام على هذا في مواضع.

فإذا كان هذا في ادعاء العلماء الأكابر فكيف بما يدعيه هذا المعترض / من الإجماع؟ وهو من جنس ادعائه الإجماع في هذه المسألة المتنازع فيها. وهو السفر إلى غير المساجد الثلاثة، فجعل السفر لمجرد زيارة القبور أمرًا مجمعًا عليه! وأن من قال بخلاف ذلك فقد تنقص الأنبياء وجاهرهم بالعداوة! والإجماع من علماء المسلمين إنما هو على خلاف ما ظنه هو وأمثاله ممن يتحكمون في الدين بلا علم، فإنهم مجمعون على أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015