فصل
وأما قول المعترض:
ـ[إنه نقل الجواز عن الأئمة المرجوع إليهم في علوم الدين والفتوى، المشتهرين بالزهادة والتقوى، الذين لا يعتد بخلاف من سواهم، ولا يرجع في ذلك لمن عداهم. ونقل عدم الجواز -إن صح نقله- عمن لا يعتمد عليه [ولا يعتد] بخلافه ولا يعرج عليه، بل هو ملحق بصاحب هذه المقالة في الخطأ والطغيان، والجراءة على مرتبة النبيين الموجبة للخسران.]ـ
فيقال:
أولاً: قائل هذا هو إلى التعزير والتأديب والأمر بتعلم العلم وأن يقال له تعلم ثم تكلم، أحوج منه إلى أن يناظر ويرد عليه. فإنه لا يعرف قدر العلماء، ولا يعرف ما قاله مالك وهو إمام الأمة في زمنه، / ولا يعرف ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. وكلامه يقتضي أن مالكًا وأمثاله ممن لا يعتمد عليه ولا يعتد بخلافه، وأنه من أهل الخطأ والطغيان، وأهل الجرأة على النبيين الموجبة للخسران.
ومعلوم أن من قال مثل هذا في علماء المسلمين كمالك ونحوه استحق العقوبة البليغة، فإن قول هذا يلزم منه أن مالكًا وأمثاله من الأئمة هم من الذين جاهروا بالعداوة للأنبياء وأظهروا لهم العناد، وأن فيهم جراءة على مرتبة النبيين توجب الخسران، ومعلوم أن هذا من أعظم الافتراء عليهم والاجتراء.
ثم إنه قال ذلك فيما اتبعوا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وأطاعوا فيه أمره ونهيه، ونهوا