والجمعة بل والجماعة بلا سفر، وليس لها أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم.

ومن طولب بقضاء دين لزمه قضاؤه لم يكن له أن يسافر بالمال الذي يجب صرفه في قضاء دينه وإن كان قصده أن يتوسل بذلك السفر إلى الحج وغيره.

ففي مواضع كثيرة يكون العمل طاعة إذا أمكن بلا سفر، ومع السفر لا يجوز، وصاحب الشرع قد قال (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) ومعلوم أن سائر المساجد يستحب إتيانها بلا سفر، فهذا الفرق ثابت بنص الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإن قيل: ما رحل إليه هؤلاء المنهيون عن السفر ليس بقربة في حقهم، قيل له ومن رحل لزيارة القبور لم يكن ما رحل إليه قربة في حقه. فزيارة القبور بالرحلة كالصلاة في غير المساجد الثلاثة، فالرحلة ليست بقربة ولا طاعة، بل معصية محرمة عند الأئمة الذين صرحوا بذلك ومن وافقهم.

وأما نقل الخطا إلى المساجد فهو إتيان إليها بغير سفر، وهذا مشروع، فهو نظير نقل النبي صلى الله عليه وسلم خطاه إلى زيارة أهل البقيع فإن ذلك / عمل صالح، وكذلك الزيارة المستحبة من البلد نقل الخطا فيها عمل صالح.

فقد تبين أنه لا مناقضة في ذلك، ولو قدر أن هذا تناقض كان تناقضًا ممن قال ذلك مثل مالك وجمهور الصحابة، ومثل من قاله من أصحاب الشافعي وأحمد، فإن المجيب ذكر القولين، فإن كان هنا عوار وشنار في القول بالتحريم كان هذا لازمًا لمالك الإمام ومن وافقه، وحاشى لله أن يلزم مالكًا ومن وافقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015