إنما يقصد الصلاة فلم يجعل إلى المدينة سفرًا مأمورًا به إلا سفر من قصد الصلاة في المسجد وهو الذي يؤمر به الناذر بخلاف غيره لقوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) وجعل من سافر إلى المدينة أو إلى بيت المقدس لغير العبادة الشرعية في المسجدين سفرًا منهيًّا عنه لا يجوز أن يفعله وإن نذره، وهذا قول جمهور العلماء، فمن سافر إلى مدينة الرسول أو بيت المقدس لقصد زيارة ما هناك من القبور أو من آثار الأنبياء والصالحين كان سفره محرمًا عند مالك والأكثرين، وقيل إنه سفر مباح ليس بقربة كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، وهو قول ابن عبد البر، وما علمنا أحدًا من علماء المسلمين المجتهدين الذين تذكر أقوالهم في مسائل الإجماع والنزاع ذكر أن ذلك مستحب.

فدعوى من ادعى أن السفر إلى مجرد القبور مستحب عند جميع علماء المسلمين كذب ظاهر، وكذلك إن ادعى أن هذا قول الأئمة الأربعة أو جمهور أصحابهم أو جمهور علماء المسلمين فهو كذب بلا ريب، وكذلك إن ادعى أن هذا قول عالم معروف من الأئمة المجتهدين، وإن قال إن هذا قول بعض المتأخرين أمكن أن يصدق في ذلك، وهو بعد أن يعرف صحة نقله نقل قولاً شاذًّا مخالفًا لإجماع السلف مخالفًا لنصوص الرسول، فكفى بقول فسادًا أن يكون قولاً مبتدعًا في الإسلام مخالفًا / للسنة والجماعة: لما سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015