ولكن طائفة من العلماء سموا هذا زيارة لقبره وهم لا يخالفون مالكًا ومن معه في المعنى، بل الذي يستحبه أولئك من الصلاة والسلام وطلب الوسيلة له صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك في مسجده يستحبه هؤلاء، ولكن هؤلاء سموا هذا زيارة لقبره، وأولئك كرهوا أن يسمى هذا زيارة لقبره.

وقد حدث من بعض المتأخرين في ذلك بدع لم يستحبها أحد من الأئمة الأربعة كسؤاله الاستغفار. وزاد بعض جهال العامة ما هو محرم أو كفر بإجماع المسلمين كالسجود للحجرة والطواف بها وأمثال ذلك مما ليس هذا موضعه.

ومبدأ ذلك من الذين ظنوا أن هذا زيارة لقبره، فظن هؤلاء أن الأنبياء والصالحين تزار قبورهم لدعائهم والطلب منهم واتخاذ قبورهم أوثانًا حتى يفضلون تلك البقعة على المساجد، وإن بني عليها مسجد فضلوه على المساجد التي بنيت لله، وحتى قد يفضلون الحج إلى قبر من يعظمونه على الحج إلى البيت العتيق، إلى غير ذلك مما هو كفر وردة عن الإسلام باتفاق المسلمين.

فالذي تضافرت به النقول عن السلف قاطبة وأطبقت عليه الأمة قولاً وعملاً هو السفر إلى مسجده المجاور لقبره، والقيام بما أمر الله به من حقوقه في مسجده كما يقام بذلك في غير مسجده، لكن مسجده أفضل المساجد بعد المسجد الحرام عند الجمهور.

وقيل إنه أفضل مطلقًا كما نقل عن مالك وغيره. ولم يتطابق السلف والخلف على إطلاق زيارة قبره، ولا ورد بذلك حديث صحيح، ولا نقل معروف عن أحد من الصحابة، / ولا كان الصحابة المقيمون بالمدينة من المهاجرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015