وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)، وفي رواية للبخاري (فأفتوا برأيهم) وهذا بخلاف المجتهد الذي اتقى الله ما استطاع، وابتغى طلب العلم بحسب الإمكان، وتكلم ابتغاء وجه الله، وعلم رجحان دليل على دليل، فقال بموجب الراجح، فهذا مطيع لله مأجور أجرين إن أصاب، وإن أخطأ أجرًا واحدًا. ومن قال كل مجتهد مصيب بمعنى أنه مطيع لله فقد صدق، ومن قال المصيب لا يكون إلا واحدًا، وإن الحق لا يكون إلا واحدًا، ومن لم يعلمه فقد أخطأ بمعنى أنه لم يعلم الحق / في نفس الأمر فقد صدق، كما بسط هذا في مواضع.
والمقصود أن من تكلم بلا علم يسوغ وقال غير الحق يسمى كاذبًا، فكيف بمن نقل عن كلام موجود خلاف ما هو فيه مما يعرف كل من تدبر الكلام أن هذا نقل باطل؟ فإن مثل هذا كذب ظاهر، والأولى على صاحبه إثم الكذب،