(ليس معها من تقدمها) فإذا ركب وتقدمها لم يكن تابعًا لها، ولو قدر أن الأمر بعد الحظر يقتضي عند الإطلاق الوجوب ففي هذا الحديث قد اتفق المسلمون على أنه ليس للوجوب، لا سيما وسببه زيارة قبر أمه، ولا يجب على المسلمين زيارة أقاربهم الكفار باتفاق المسلمين.
وإنما النزاع بين المسلمين: هل زيارة القبور مستحبة، أو مباحة، أو منهي عنها؟ لم يقل أحد بوجوبها.
فتبين أن ما ذكره ليس فيه ما يدل على محل النزاع وهو استحباب السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين لدعائهم والرغبة إليهم، إذ هذا مقصود المسافرين ليس مقصودهم الدعاء لهم والاستغفار لهم، بل قد ينهون عن ذلك ويستعظمون أن مثل هؤلاء يحتاجون إلى دعاء الأحياء، ومنهم من إذا قيل سلم على فلان ينهى عن ذلك ويقول السلام علينا من فلان فيتخذونهم أربابًا. فإنه لا يجيب الدعوات ويفرج الكربات وينزل الرزق ويهدي القلوب ويغفر الذنوب إلا الله وحده لا شريك له كما قال تعالى: {ومن يغفر الذنوب إلا الله} [سورة آل عمران: (135)]، وقال: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار -إلى قوله- فأنى تصرفون} [سورة يونس: (31 - 32)]، وقال تعالى: {قل ادعوا