نفسه باستئجاره لرعاية الغنم في ابتداء حاله، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا وقد رعى الغنم) وأخبرنا الله بذلك عن موسى. وهذا / لا غضاضة فيه جملة واحدة لمن ذكره على وجهه، بخلاف من قصد به الغضاضة والتحقير، بل كانت عادة جميع العرب.
نَعَمْ في ذلك للأنبياء حكمة بالغة، وتدريج من الله تعالى لهم إلى كرامته، وتدريب برعايتها لسياسة أممهم من خلقه بما سبق لهم من الكرامة في الأزل ويتقدم العلم بذلك.
وقد ذكر الله يتمه وعيلته على طريق المنة عليه والتعريف بكرامته له، فذكر الذاكر لها على وجه تعريف حاله والخبر عن مبتدئه والتعجب من منح الله قبله وعظيم منن الله عنده ليس فيه غضاضة، بل فيه دلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم وصحة دعوته، إذ أظهره الله تعالى بعد هذا على صناديد العرب ومن ناوأه من أشرافهم شيئًا فشيئًا، فنمى أمره صلى الله عليه وسلم حتى قهرهم وتمكن من ملك مقاليدهم واستباحة [كثير من مماليك الأمم] غيرهم بإظهار الله وتأييده بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم، وإمداده بالملائكة المسومين، ولو كان ابن ملك أو ذا أشياع متقدمين لحسب كثير من الجهال أن ذلك موجب ظهوره ومقتضى علوه، ولهذا قال