{وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله} فَهَل الْإِنْسَان وَإِن ذكر بُرْهَة من الدَّهْر إِلَّا كمن خلا قبل من الْأُمَم الغابرة الَّذين ذكرُوا ثمَّ نسوا جملَة ثمَّ ليتفكر الْإِنْسَان فِي من ذكر بِخَير أَو بشر هَل يزِيدهُ ذَلِك عِنْد الله عز وَجل دَرَجَة أَو يكسبه فَضِيلَة لم يكن حازها بِفِعْلِهِ أَيَّام حَيَاته فَإِذا كَانَ هَذَا كَمَا قُلْنَاهُ فالرغبة فِي الذّكر رَغْبَة غرور وَلَا معنى لَهُ وَلَا فَائِدَة فِيهِ أصلا لَكِن إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يرغب الْإِنْسَان الْعَاقِل فِي الاستكثار من الْفَضَائِل وأعمال الْبر الَّتِي يسْتَحق من هِيَ فِيهِ الذّكر الْجَمِيل وَالثنَاء الْحسن والمدح وَحميد الصّفة فَهِيَ الَّتِي تقربه من بارئه تَعَالَى وتجعله مَذْكُورا عِنْده عز وَجل الذّكر الَّذِي يَنْفَعهُ وَيحصل على بَقَاء فَائِدَته وَلَا يبيد أَبَد الْأَبَد وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق شكر الْمُنعم فرض وَاجِب وَإِنَّمَا ذَلِك بالمقارضة لَهُ بِمثل مَا أحسن فَأكْثر ثمَّ بالتهمم بأموره والتأتي بِحسن الدفاع عَنهُ ثمَّ بِالْوَفَاءِ لَهُ حَيا وَمَيتًا وَلمن يتَّصل بِهِ من ساقة وَأهل كَذَلِك ثمَّ بالتمادي على وده ونصيحته وَنشر محاسنه بِالصّدقِ وطي مساويه مَا دمت حَيا وتوريث ذَلِك عقبك وَأهل ودك وَلَيْسَ من الشُّكْر عونه على الآثام وَترك نصيحته فِيمَا يوتغ بِهِ دينه ودنياه بل من عاون من أحسن إِلَيْهِ على بَاطِل فقد غشه وَكفر إحسانه وظلمه وَجحد إنعامه وَأَيْضًا فَإِن إِحْسَان الله تَعَالَى وإنعامه على كل حَال أعظم وأقدم