أطماع المحبين لله عز وَجل ثمَّ يزِيد الطمع فِي المجالسة ثمَّ فِي المحادثة والموازرة وَهَذِه أطماع الْمَرْء فِي سُلْطَانه وَصديقه وَذَوي رَحمَه وأقصى أطماع الْمُحب مِمَّن يحب المخالطة بالأعضاء إِذا رجا ذَلِك وَلذَلِك تَجِد الْمُحب المفرط الْمحبَّة فِي ذَات فرَاشه يرغب فِي جِمَاعهَا على هيئات شَتَّى وَفِي أَمَاكِن مُخْتَلفَة ليستكثر من الِاتِّصَال وَيدخل فِي هَذَا الْبَاب الْمُلَامسَة بالجسد والتقبيل وَقد يَقع بعض هَذَا الطمع فِي الْأَب فِي وَلَده فيتعدى إِلَى التَّقْبِيل والتعنيق وكل مَا ذكرنَا إِنَّمَا هُوَ على قدر الطمع فَإِذا انحسم الطمع عَن شَيْء مَا لبَعض الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لَهُ مَالَتْ النَّفس إِلَى مَا تطمع فِيهِ ونجد الْمقر بِالرُّؤْيَةِ لله عز وَجل شَدِيد الحنين إِلَيْهَا عَظِيم النُّزُوع نَحْوهَا لَا يقنع بِدَرَجَة دونهَا لِأَنَّهُ يطْمع فِيهَا وتجد الْمُنكر لَهَا لَا تحن نَفسه إِلَى ذَلِك وَلَا يتمناه أصلا لِأَنَّهُ لَا يطْمع فِيهِ وتجده يقْتَصر على الرِّضَا والحلول فِي دَار الْكَرَامَة فَقَط لِأَنَّهُ لَا تطمع نَفسه فِي أَكثر ونجد المستحل لنكاح القرائب لَا يقنع مِنْهُنَّ بِمَا يقنع الْمحرم لذَلِك وَلَا تقف محبته حَيْثُ تقف محبَّة من لَا يطْمع فِي ذَلِك فتجد من يسْتَحل نِكَاح ابْنَته وَابْنَة أَخِيه كالمجوس وَالْيَهُود لَا يقف من محبتهما حَيْثُ تقف محبَّة الْمُسلم بل نجدهما يتعشقان الِابْنَة وَابْنَة الْأَخ كتعشق الْمُسلم فِيمَن يطْمع فِي مخالطته بِالْجِمَاعِ وَلَا نجد مُسلما يبلغ ذَلِك فيهمَا وَلَو أَنَّهُمَا أجمل من الشَّمْس وَكَانَ هُوَ أعهر النَّاس وأغزلهم فَإِن وجد ذَلِك فِي الندرة فَلَا تَجدهُ إِلَّا من فَاسد الدّين قد زَالَ عَنهُ ذَلِك الرادع فانفسح لَهُ الأمل وَانْفَتح لَهُ بَاب الطمع وَلَا يُؤمن من الْمُسلم أَن تفرط محبته لابنَة عَمه حَتَّى تصير عشقا وَحَتَّى تتجاوز محبته لَهَا