خُلُقه، ولكنه في الحقيقة لم يَعُدْ إنساناً، وذلك بحكم ما طرأ عليه من تغيّرٍ، كأن يكون مجنوناً مثلاً فاقد العقل، فلا يمكنه والحالة هذه أن يفكر تفكير الإنسان ولا يتصرف تصرف الإنسان؛ إنه لمّا فقد العقل الذي هو أحد ما يميزه عن الحيوانات فقد مقومات الإنسان الأساسية، فأصبح مُضِرّاً غير نافع، وهذه مرتبة تنزل عن مرتبة كثير من الحيوانات الأخرى، التي ينتفع بها الناس!.
أو كأن يكون قد انحرف ضميره وخُلُقه، فأصبح -تبعاً لذلك- يتصرف تصرف الوحوش الضارة غير النافعة، فقد أصبح هذا المخلوق مؤذياً، وأصبح الإيذاء طبعاً له، فهو شرٌ لا خير فيه؛ فهل بقي مثلاً هذا على إنسانيته بحكم خِلْقته فقط؟!. كلاّ بل هو مخلوق آخر قد يَخْدَعُ الآخرين بصورته ويوهمهم أنه إنسان وليس الأمر كذلك!.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} 1!!
فانظر كيف أخبرك الله سبحانه بأنه خلقك من سلالة من طين، ثم قال لك: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ... } !!.
يقول القاضي أبو بكر بن العربي: "ليعرِّفك أن الشرف والقَدْر إنما هو للتربية لا للتربة" 2!!.