الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَمِثْلُهَا بِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ (م) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الدِّيَاتِ]
ِ الدِّيَةُ مَا يُؤَدَّى، وَلَمَّا كَانَ الْقَتْلُ يُوجِبُ مَالًا يُدْفَعُ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ سُمِّيَ دِيَةً، وَإِنَّمَا خُصَّ بِمَا يُؤَدَّى بَدَلَ النَّفْسِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْمُتْلَفَاتِ ; لِأَنَّ الِاسْمَ يُشْتَقُّ لِلتَّعْرِيفِ بِالتَّخْصِيصِ وَلَا يَطْرُدُونَهُ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، وَهِيَ صَوْنُ بُنْيَانِ الْآدَمِيِّ عَنِ الْهَدْمِ وَدَمِهِ عَنِ الْهَدَرِ، وَجَبَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي النَفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» أَيْ تَجِبُ بِسَبَبِ قَتْلِ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ.
قَالَ: (الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَمِثْلُهَا بِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: ثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَأَرْبَعُونَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامٍ كُلُّهَا خَلِفَاتٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا، وَفِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ، وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ أَغْلَظُ فَتَجِبُ كَمَا قُلْنَا. وَلَهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» ، وَرَوَى الزُّهْرِيُّ أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرْبَاعًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْخَطَأُ، فَبَقِيَ الْمُرَادُ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَلَوْ أَوْجَبْنَا الْحَوَامِلَ وَجَبَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ التَّغْلِيظَ أَرْبَاعٌ كَمَا قُلْنَا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إِلَّا سَمَاعًا فَكَانَ مُعَارِضًا لِمَا رُوِيَ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّغْلِيظِ، وَلَوْ كَانَ مَا رُوِّينَاهُ ثَابِتًا لَارْتَفَعَ خُصُوصًا وَقَدْ وَرَدَ عَلَى زَعْمِكُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ تَكَاثُرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ يَشْتَهِرُ، وَلَوِ اشْتُهِرَ لَاحْتَجَّ بِهِ الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ، وَلَوِ احْتَجَّ لَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَلَمَّا لَمْ يَرْتَفِعْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِيجَابُ الْحَامِلِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ الْحَمْلُ حَقِيقَةً فَيَكُونُ