وَلَوِ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَزَنَى بِهَا، أَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ لَاطَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ الشُّبْهَةُ أَنْوَاعٌ: شُبْهَةٌ فِي الْمَحَلِّ، وَشُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ، وَهِيَ شُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ، وَشُبْهَةٌ فِي الْعَقْدِ.
أَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فَهُوَ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، أَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، أَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَاقًا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، أَوْ وَطِئَ الْمُبَانَةِ بِالْكِنَايَاتِ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ. وَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَحَلُّ مَوْجُودَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.
وَأَمَّا شُبْهَةُ الْفِعْلِ فَفِيمَا إِذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ وَالْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا أَوْ عَلَى مَالٍ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْمُرْتَهَنُ يَطَأُ جَارِيَةَ الرَّهْنِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ، فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا حَلَالٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ حُدَّ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْفِعْلَ مُبَاحٌ لَهُ كَمَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِهِ، أَوْ لَهُ نَوْعُ حَقٍّ فِي الْمَحَلِّ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ وَطْأَهَا فَكَانَ ظَنُّهُ مُسْتَنَدًا إِلَى دَلِيلٍ فَكَانَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ إِذَا ادَّعَى الْحِلَّ، وَبِدُونِ الدَّعْوَى انْعَدَمَتِ الشُّبْهَةُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنِ ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ زِنًا مَحْضٌ، لِأَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ لَا لِلشُّبْهَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ حَضَرَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ظَنَنْتُ أَنَّهُ حَلَالٌ لَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا بِالْحُرْمَةِ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إِذَا ادَّعَى الشُّبْهَةَ خَرَجَ فِعْلُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ زِنًا فَخَرَجَ فِعْلُ الْآخَرِ فَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُمَا، وَلَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوِ الْمُسْتَعَارَةَ أَوْ جَارِيَةَ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ أَوْ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ غَيْرِ الْوِلَادِ حُدَّ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَنِدْ ظَنُّهُ إِلَى شُبْهَةٍ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِ هَؤُلَاءِ، وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ.
وَأَمَّا شُبْهَةُ الْعَقْدِ بِأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ أَمَةً بِغَيْرِ إِذَنِ مَوْلَاهَا أَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذَنِ مَوْلَاهُ، أَوْ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ وَلَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيَّةً أَوْ خَمْسَةً فِي عُقْدَةٍ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ تَزَوَّجَ بِمَحَارِمِهِ فَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنْ قَالَ عَلِمْتُ أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ. وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُهُ، وَحُكْمُهُ الْحِلُّ وَهُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ بِالْإِجْمَاعِ فَصَارَ كَإِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى الذَّكَرِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ عَقْدٌ صَادَفَ مَحَلَّهُ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا هُوَ صَالِحٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ النِّكَاحِ التَّوَالُدُ وَالتَّنَاسُلُ وَالْأُنْثَى مِنَ الْآدَمِيَّاتِ قَابِلَةٌ لِذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الْحِلِّ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ تَقَاعَدَ عَنْهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَأَنَّهَا تَكْفِي لِسُقُوطِ الْحَدِّ إِلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَيُوجَعُ عُقُوبَةً لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ جِنَايَةً لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فَيُعَزَّرُ.
قَالَ: (وَلَوِ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا وَزَنَا بِهَا أَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ لَاطَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ)