ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِذَا تَسَاوَيَا لَمْ يَجُزْ لَهَا نَقْلُهُ، وَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ وُجِدَ فِيهِ فَيُوجِبُ أَحْكَامَهُ فِيهِ فَلَا بُدَّ فِي النُّقْلَةِ مِنَ الْوَطَنِ وَوُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ.
وَهَذَا إِذَا كَانَ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ مَسَافَةٌ، أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَا يُمْكِنُ الْأَبَ الِاطَّلَاعَ عَلَيْهِ وَيَبِيتُ فِي مَنْزِلِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ، وَصَارَ كَالنُّقْلَةِ مِنْ مَحَلَّةٍ إِلَى أُخْرَى فِي الْمِصْرِ الْمُتَبَاعِدِ الْأَطْرَافِ، وَالْقَرْيَتَانِ كَالْمِصْرَيْنِ، وَكَذَا لَوِ انْتَقَلَتْ مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى الْمِصْرِ، لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ حَيْثُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْمِصْرِ، وَبِالْعَكْسِ لَا، لِأَنَّ أَخْلَاقَ أَهْلِ السَّوَادِ أَجْفَى فَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بِالصَّبِيِّ فَلَا يَجُوزُ.
[كتاب العتق]
ِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ، يُقَالُ: عَتَقَ الطَّائِرُ: إِذَا قَوِيَ عَلَى الطَّيَرَانِ، وَعِتَاقُ الطَّيْرِ: كَوَاسِبُهَا لِقُوَّتِهَا عَلَى الْكَسْبِ، وَعَتَقَتِ الْخَمْرُ: قَوِيَتْ وَاشْتَدَّتْ، وَيُسْتَعْمَلُ لِلْجَمَالِ، يُقَالُ: فَرَسٌ عَتِيقٌ: أَيْ رَائِعٌ جَمِيلٌ، وَسُمِّيَ الصَّدِيقُ عَتِيقًا لِجَمَالِهِ، وَيُسْتَعْمَلُ لِلْكَرَمِ، وَمِنْهُ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ: أَيِ الْكَرِيمُ، وَيُسْتَعْمَلُ لِلسَّعَةِ وَالْجَوْدَةِ، وَمِنْهُ رِزْقٌ عَاتِقٌ: أَيْ جَيِّدٌ وَاسِعٌ.
وَفِي الشَّرْعِ: زَوَالُ الرِّقِّ عَنِ الْمَمْلُوكِ وَفِيهِ هَذِهِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةُ فَإِنَّهُ بِالْعِتْقِ يَقْوَى عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَيُورِثُهُ جَمَالًا وَكَرَامَةً بَيْنَ النَّاسِ وَيَزُولُ عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَجْرِ وَالْعُبُودِيَّةِ فَيَتَّسِعُ رِزْقُهُ بِسَبَبِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ. وَالْحُرِّيَّةُ: الْخَلَاصُ، وَالْحُرُّ: الْخَالِصُ، وَمِنْهُ طِينٌ حُرٌّ: خَالِصٌ لَا رَمْلَ فِيهِ، وَأَرْضٌ حُرَّةٌ: خَالِصَةٌ مِنَ الْخَرَاجِ وَالنَّوَائِبِ. وَالتَّحْرِيرُ: إِثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الْخُلُوصُ فِي الذَّاتِ عَنْ شَائِبَةِ الرِّقِّ.
وَالرِّقُّ فِي اللُّغَةِ: الضَّعْفُ، وَمِنْهُ ثَوْبٌ رَقِيقٌ، وَصَوْتٌ رَقِيقٌ: أَيْ ضَعِيفٌ. وَفِي الشَّرْعِ: ضَعْفٌ مَعْنَوِيٌّ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْحُرُّ مِنَ الْوَلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَالْخُرُوجِ إِلَى الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَائِزِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَبِالْإِعْتَاقِ وَالتَّحْرِيرِ تَثْبُتُ لَهُ الْقُوَّةُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَتُخَلِّصُهُ عَنْ شَوَائِبِ الرِّقِّ وَالْإِذْلَالِ. وَقَالَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْعِتْقُ إِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنِ الرِّقِّ، وَالْحُقُوقُ تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، فَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنِ الرِّقِّ عِتْقٌ، وَعَنِ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ طَلَاقٌ، وَعَنِ الدُّيُونِ بَرَاءَةٌ، فَإِنَّهُ إِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَحْتَاجُ إِلَى النَّقْلِ فَيَسْقُطُ، وَلَا كَذَلِكَ الْأَعْيَانُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنْهَا، لِأَنَّ الْعَيْنَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ تَبْقَى غَيْرَ مُتَنَقِّلَةً فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ.
وَهُوَ قَضِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ وَقُرْبَةٌ مَنْدُوبَةٌ. أَمَّا شَرْعِيَّتُهَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] ، وَقَالَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] كُلِّفْنَا بِتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ، وَلَوْلَا شَرْعِيَّتُهُ لَمَا كُلِّفْنَاهُ، إِذْ تَكْلِيفُ