وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ (زف) ، وَيُبْدِي ضَبْعَيْهِ، وَيُجَافِي بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ، وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ فَاضِلِ ثَوْبِهِ جَازَ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَجْلِسُ، فَإِذَا جَلَسَ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَنْهَضُ (ف) قَائِمًا وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِلَّا الِاسْتِفْتَاحَ وَالتَّعَوُّذَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: الْوَجْهِ، وَالْكَفَّيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ» ، وَلَهُمَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَكِّنْ جَبْهَتَكَ وَأَنْفَكَ مِنَ الْأَرْضِ» ، وَلَهُ أَنَّ الْأَنْفَ مَحَلُّ السُّجُودِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لَمَا جَازَ كَالْخَدِّ وَالذَّقَنِ، فَإِذَا سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ يَكُونُ سَاجِدًا، فَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ السُّجُودِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَلِأَنَّ الْجَبْهَةَ وَالْأَنْفَ عَظْمٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ السُّجُودُ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ يَجُوزُ فَكَذَا الْآخَرُ.
قَالَ: (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ) هَكَذَا نُقِلَ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَيُبْدِي ضَبُعَيْهِ، وَيُجَافِي بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجَافِي فِي سُجُودِهِ حَتَّى إِنَّ بَهْمَةً لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ لَمَرَّتْ» .
(وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ) «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ افْتِرَاشِ الثَّعْلَبِ» .
(وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ «لَمَّا نَزَلْ قَوْله تَعَالَى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اجْعَلُوهُ فِي سُجُودِكُمْ» .
(وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهُ أَوْ فَاضِلِ ثَوْبِهِ جَازَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ» . وَقَالَ أَيْضًا: «إِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا» ، وَلَوْ سَجَدَ عَلَى السَّرِيرِ وَالْعِرْزَالِ، جَازَ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْحَشِيشِ وَالْقُطْنِ إِنْ وُجِدَ حَجْمُهُ بِجَبْهَتِهِ كَالطَّنْفَسَةِ وَاللِّبَدِ وَالْحَصِيرِ جَازَ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ) لِمَا بَيَّنَّا.
(وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَجْلِسُ) وَالْوَاجِبُ مِنَ الرَّفْعِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْقُعُودِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
(فَإِذَا جَلَسَ كَبَّرَ وَسَجَدَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَسْتَوِيَ جَالِسًا» .
(ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَنْهَضُ قَائِمًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» .
قَالَ: (وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرِفَاعَةَ: " ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» .
قَالَ: (إِلَّا الِاسْتِفْتَاحَ) لِأَنَّ مَحَلَّهُ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ.
(وَالتَّعَوُّذَ) لِأَنَّهُ لِابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُشْرَعَا إِلَّا مَرَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ لَيْسَ بِفَرْضٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَرْضٌ، وَهُوَ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَإِتْمَامُ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَالْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.