كِتَابُ الطَّلَاقِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحْسَنُ، وَحَسَنٌ، وَبِدْعِيُّ. فَأَحْسَنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأُخْتَهُ مِنَ الْأَبِ.
تَزَوَّجَ صَغِيرَتَيْنِ، فَأَرْضَعَتْهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا حَرُمَتَا عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ؛ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِحُكْمِ الطَّبْعِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إِنْ تَعَمَّدَتِ الْفَسَادَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فَأَرْضَعَتْهُنَّ عَلَى التَّعَاقُبِ حُرِّمَتِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ دُونَ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ أُخْتًا لَهُمَا لَمْ يَبْقَ الْجَمْعُ فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا، بِأَنْ أَلْقَتْ ثَدْيَهَا فِي فَمِ اثْنَتَيْنِ وَكَانَتْ حَلَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَوْجَرَتِ الثَّالِثَةَ وَاتَّفَقَ وُصُولُ اللَّبَنِ إِلَيْهِنَّ مَعًا حَرُمْنَ جَمِيعًا، وَعَلَى هَذَا تُخَرَّجُ جَمِيعُ مَسَائِلِ هَذَا الْجِنْسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: إِزَالَةُ الْقَيْدِ وَالتَّخْلِيَةُ، تَقُولُ: أَطْلَقْتُ إِبِلِي وَأَطْلَقْتُ أَسِيرِي.
وَفِي الشَّرْعِ: إِزَالَةُ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ قَيْدٌ مَعْنًى، وَهُوَ قَضِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَضَرْبٌ مِنَ الْمَعْقُولِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَقَوْلُهُ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ، وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» وَعَلَى وُقُوعِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَلِأَنَّ اسْتِبَاحَةَ الْبُضْعِ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَالْمَالِكُ الصَّحِيحُ الْقَوْلِ يَمْلِكُ إِزَالَةَ مِلْكِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَلِأَنَّ مَصَالِحَ النِّكَاحِ قَدْ تَنْقَلِبُ مَفَاسِدَ، وَالتَّوَافُقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يَصِيرُ تَنَافُرًا، فَالْبَقَاءُ عَلَى النِّكَاحِ حِينَئِذٍ يَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ مِنَ التَّبَاغُضِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْمَقْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَشُرِعَ الطَّلَاقُ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَمَتَى وَقَعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَهُوَ مُبَاحٌ مَبْغُوضٌ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلْمَصَالِحِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَتِ الْوَاحِدَةُ لِلْحَاجَةِ وَهُوَ الْخَلَاصُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مُبَاحًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَتَاقِ، وَلَا خَلَقَ مُبَاحًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ» .
(وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحْسَنُ، وَحَسَنٌ، وَبِدْعِيٌّ. فَأَحْسَنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) لِمَا رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا لِلسُّنَّةِ إِلَّا وَاحِدَةً، ثُمَّ لَا يُطَلِّقُوا غَيْرَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ ذَلِكَ أَحْسَنَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا جَامَعَهَا لَا يُؤْمَنُ الْحَبَلُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ، فَإِذَا ظَهَرَ نَدِمَ فَكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَبْعَدَ مِنَ النَّدَمِ فَكَانَ أَوْلَى.
وَفِي الَّتِي لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ يُطَلِّقُهَا أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ لِعَدَمِ