فَإِنْ نَقَصَ بِالزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَيَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ، وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ إِذَا تَصَرَّفَا وَرَبِحَا تَصَدَّقَا بِالْفَضْلِ (س) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَالِكِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ عَنْ حِفْظِ مَالِهِ حَتَّى هَلَكَ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُ الْغَصْبِ كَالْحُرِّ. وَأَمَّا إِذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ، وَحَفَرَ الْأَرْضَ - فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ النَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ، وَأَنَّهُ إِتْلَافٌ. وَيَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ مَا لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْحُرِّ. وَمَا انْهَدَمَ بِسُكْنَاهُ فَقَدْ تَلِفَ بِفِعْلِهِ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَإِنْ لَمْ يُضْمَنْ بِالْغَصْبِ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْعَيْنِ.
(فَإِنْ نَقَصَ بِالزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ) ؛ لِمَا مَرَّ، (وَيَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) . مَعْنَاهُ: يَأْخُذُ مِنَ الزَّرْعِ مَا أَخْرَجَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَذْرِ وَغَيْرِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ.
(وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُسْتَعِيرُ إِذَا تَصَرَّفَا، وَرَبِحَا - تَصَدَّقَا بِالْفَضْلِ) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي ضَمَانِهِ؛ لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ ظَاهِرًا؛ فَإِنَّ الْمَضْمُونَاتِ تُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَلَهُمَا أَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ، وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَالْفَرْعُ يَحْصُلُ عَلَى صِفَةِ الْأَصْلِ، وَالْمِلْكُ الْخَبِيثُ سَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَوْ صَرَفَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ جَازَ. ثُمَّ إِنْ كَانَ غَنِيًّا تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَتَصَدَّقُ.
وَلَوْ لَقِيَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ، فَطَالَبَهُ بِالْمَغْصُوبِ - فَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَنٌ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ أُمِرَ بِتَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ بَلَدِ الْغَصْبِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ؛ لِيَأْخُذَهُ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ بِنَقْلِهِ فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ، بِخِلَافِ تَغَيُّرِ السِّعْرِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا بِصُنْعِهِ بَلْ بِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَقِيمَتِهِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتَهُ بِبَلَدِ الْغَصْبِ، أَوْ يَصْبِرُ؛ لِيَأْخُذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدِهِ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ هُنَا أَكْثَرَ فَالْغَاصِبُ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِالدَّفْعِ. وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ سَوَاءً فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى أَحَدٍ.
وَلَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ رَدَّهُ مَعَ قِيمَةِ النُّقْصَانِ، فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمُ وَبِهِ عَيْبٌ - فَيَضْمَنُ ذَلِكَ، هَذَا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ؛ لِأَنَّ لِلْجَوْدَةِ قِيمَةً فِيهَا. فَأَمَّا الرِّبَوِيَّاتُ إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِعَيْبِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَتَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ عَلَى مَا عُرِفَ. وَآنِيَةُ الصُّفْرِ وَالرَّصَاصِ إِنْ بِيعَتْ وَزْنًا مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ وَعَدَدًا لَا.
وَلَوْ غَصَبَ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا، أَوْ عَصِيرًا فَصَارَ خَلًّا، أَوْ رُطَبًا فَصَارَ تَمْرًا - فَالْمَالِكُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ. وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً صَغِيرَةً، فَكَبِرَ - أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنَ النَّفَقَةِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . وَلَوْ كَانَ شَابًّا فَصَارَ شَيْخًا، أَوْ شَابَّةً فَصَارَتْ عَجُوزًا - ضَمِنَ النُّقْصَانَ. وَالشَّلَلُ وَالْعَرَجُ وَذَهَابُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَنِسْيَانُ الْحِرْفَةِ وَالْقُرْآنِ وَالسَّرِقَةُ وَالْإِبَاقُ وَالْجُنُونُ وَالزِّنَا عَيْبٌ يُوجِبُ النُّقْصَانَ