وَإِنِ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْعِوَضِ رَجَعَ بِالْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يُرَاعَى فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْبَيْعِ بَعْدَهُ، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنْ.

فَصْلٌ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِلْمُعْمَرِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارَهُ لَهُ عُمْرَهُ، فَإِذَا مَاتَ تُرَدُّ عَلَيْهِ، وَالرُّقْبَى بَاطِلَةٌ (س) ، وَهِيَ أَنْ تَقُولَ: إِنْ مِتَّ فَهِيَ لِي، وَإِنْ مِتُّ فَهِيَ لَكَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعْوِيضُ فَعَادَ حَقُّ الرُّجُوعِ.

قَالَ: (وَإِنِ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْعِوَضِ رَجَعَ بِالْهِبَةِ) لِمَا بَيَّنَّا. قَالَ: (وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يُرَاعَى فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُشَاعِ (وَ) حُكْمُ (الْبَيْعِ بَعْدَهُ) رِعَايَةً لِلَّفْظِ وَالْمَعْنَى. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَهَبَهُ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهُ ثَوْبًا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِامْتِنَاعُ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا كَمَا فِي الْهِبَةِ، فَإِذَا تَقَابَضَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ يَرُدَّانِ بِالْعَيْبِ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ، وَإِنِ اسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ بِعِوَضِهِ إِنْ كَانَ قَائِمًا، وَبِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ هَالِكًا.

قَالَ: (وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ) ; لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ مُخْتَلَفٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ، وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامِ لِلْقَاضِي، وَإِنْ تَرَاضَيَا فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ فَيَجُوزُ (وَإِنْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ) بِالرَّدِّ (لَمْ يَضْمَنْ) ; لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ حَيْثُ قَبَضَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ.

[فصل الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى]

فَصْلٌ (الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِلْمُعْمَرِ حَالَ حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ) مِنْ (بَعْدِ مَمَاتِهِ) وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ (وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارَهُ لَهُ عُمُرَهُ، فَإِذَا مَاتَ تُرَدُّ عَلَيْهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعْمِرِ» ، وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ عُمْرَى سُكْنَى أَوْ نُحْلَى سُكْنَى أَوْ سُكْنَى صَدَقَةً أَوْ صَدَقَةً عَارِيَةً أَوْ عَارِيَةً هِبَةً أَوْ هِبَةً سُكْنَى أَوْ سُكْنَى هِبَةً فَهِيَ عَارِيَةٌ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ السُّكْنَى حَقِيقَةٌ فِي الْعَارِيَةِ ; لِأَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَتَحْتَمِلُ الْهِبَةَ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ: هِبَةٌ تَسْكُنُهَا فَهِيَ هِبَةٌ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَسْكُنُهَا مَشُورَةٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ سُكْنَى.

قَالَ: (وَالرُّقْبَى بَاطِلَةٌ، وَهِيَ أَنْ تَقُولَ) دَارِي لَكَ رُقْبَى، وَمَعْنَاهُ: (إِنْ مِتَّ فَهِيَ لِي، وَإِنْ مِتُّ فَهِيَ لَكَ) ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ الْآخَرِ لِمَا رَوَى شُرَيْحٌ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَجَازَ الْعُمْرَى وَرَدَّ الرُّقْبَى» وَمُرَادُهُ الرُّقْبَى مِنَ التَّرَقُّبِ، أَمَّا مِنَ الْإِرْقَابِ وَمَعْنَاهُ رَقَبَةُ دَارِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015