وَالْحُرُّ وَالْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ، وَانَ ادَّعَاهُ عَبْدٌ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ حُرٌّ، وَإِنِ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مِنْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ ذِمِّيًّا، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِذَا كَانَ عَلَى اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ فَهُوَ لَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَيَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ، وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ، وَلَا يُزَوِّجُهُ، وَلَا يُؤَاجِرُهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQإِلَّا إِذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ ; لِأَنَّهَا أَقْوَى.

قَالَ: (وَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ) وَمَعْنَاهُ إِذَا ادَّعَى نَسَبَهُ حُرٌّ وَعَبْدٌ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فَالْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ، وَالْمُسْلِمُ أَوْلَى مِنَ الذِّمِّيِّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُ (وَإِنِ ادَّعَاهُ عَبْدٌ فَهُوَ ابْنُهُ) ; لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ أَنْفَعُ لَهُ (وَهُوَ حُرٌّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِقِّ أَبِيهِ أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا ; لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ (وَإِنِ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ فَهُوَ ابْنُهُ) لِمَا مَرَّ (وَهُوَ مُسْلِمٌ) ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ ثَبَتَ لَهُ بِالدَّارِ وَإِبْطَالُهُ إِضْرَارٌ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الْأَبِ كَافِرًا كُفْرُ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ إِسْلَامِ الْأُمِّ.

قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مِنْ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَيَكُونُ ذِمِّيًّا) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَكُونُونَ فِي مَوَاضِعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ، فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمَكَانَ دُونَ الْوَاجِدِ كَاللَّقِيطِ إِذَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْوَاجِدَ دُونَ الْمَكَانِ ; لِأَنَّ الْيَدَ أَقْوَى ; وَفِي رِوَايَةٍ اعْتَبَرَ الْإِسْلَامَ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ.

قَالَ: (وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَإِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ إِنْ أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحَدِّ قَاذِفِهِ لَمْ يَصِحَّ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوِ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ فَادَّعَى نَصْرَانِيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ النَّصَارَى كَالصَّلِيبِ وَالزُّنَّارِ فَهُوَ نَصْرَانِيٌّ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمَكَانِ.

قَالَ: (وَإِذَا كَانَ عَلَى اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ فَهُوَ لَهُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ وَيَصَّدَّقُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ ; وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَمْرِ الْقَاضِي ; لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَيَشْتَرِي لَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكِسْوَةِ وَالطَّعَامِ وَغَيْرِهِمَا.

قَالَ: (وَيَقْبَلُ لَهُ الْهِبَةَ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ (وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ) ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّثْقِيفِ وَفِيهِ مَنْفَعَتُهُ (وَلَا يُزَوِّجُهُ) ; لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلسُّلْطَانِ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، فَإِنْ زَوَّجَهُ السُّلْطَانُ وَلَا مَالَ لَهُ فَالْمَهْرُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِي النَّوَادِرِ: إِذَا أَمَرَ الْمُلْتَقِطُ بِخِتَانِ الصَّبِيِّ فَهَلَكَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ.

قَالَ: (وَلَا يُؤَاجِرُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِتْلَافَ مَنَافِعِهِ كَالْعَمِّ بِخِلَافِ الْأُمِّ ; لِأَنَّهَا تَمْلِكُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا إِجَارَتُهُ لِنَفَقَتِهَا وَاسْتِخْدَامُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015