فَصَالَحُوهُ عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرَضًا جَازَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دُيُونٌ فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطُوا بَرَاءَةَ الْغُرَمَاءِ جَازَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَالَحُوهُ عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ) لِيَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِحَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ تَحَرُّزًا عَنِ الرِّبَا (وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرَضًا جَازَ مُطْلَقًا) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الرِّبَا، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُقَابِلُ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ بِالْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ.
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دُيُونٌ فَأَخْرَجُوهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ لَا يَجُوزُ) ; لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (وَإِنْ شَرَطُوا بَرَاءَةَ الْغُرَمَاءِ جَازَ) ; لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا يُصَالِحُونَ وَلَا يُقَسِّمُونَ حَتَّى يَقْضُوا دَيْنَهُ لِتَقَدُّمِ حَاجَتِهِ، وَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَإِنْ قَسَّمُوهَا، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ بَطَلَتْ ; لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الشَّرِكَةِ]
ِ الشِّرْكُ: النَّصِيبُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ» أَيْ نَصِيبًا. قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي تُقَاهَا ... وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ
أَيْ أَخَذْنَا نَصِيبًا مِنَ التُّقَى وَالْحَسَبِ مِثْلَ نَصِيبِ قُرَيْشٍ مِنْهُمَا، كَشَرِكَةِ الْعِنَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبٌ مِنَ الْمَالِ وَالْكَسْبِ، وَسُمِّيَ الشَّرِيكَانِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِرْكًا فِي الْمَالِ: أَيْ نَصِيبًا.
وَهِيَ فِي الشَّرْعِ: الْخُلْطَةُ وَثُبُوتُ الْحِصَّةِ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالنُّصُوصِ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَدُ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبُهُ رَفَعَهَا عَنْهُمَا» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الشَّرِيكَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا مَا لَمْ يَخُونَا، فَإِذَا خَانَا مُحِيَتِ الْبَرَكَةُ بَيْنَهُمَا» وَكَانَ قَيْسُ بْنُ السَّائِبِ شَرِيكَ رَسُولِ اللَّهِ فِي تِجَارَةِ الْبَزِّ وَالْأَدَمِ. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي صِفَتِهِ: «كَانَ شَرِيكِي وَكَانَ خَيْرَ شَرِيكٍ لَا يُشَارِي وَلَا يُمَارِي وَلَا يُدَارِي» أَيْ لَا يُلِحُّ وَلَا يُجَادِلُ وَيُدَافِعُ عَنِ الْحَقِّ، وَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَهَا