وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُقِرِّ إِذَا كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا إِذَا أَقَرَّ لِمَعْلُومٍ، وَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِمَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ وَيُبَيِّنُ الْمَجْهُولَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQطَبْعًا فَلَا يُكَذَّبُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ حَجَّةٌ مُظْهِرَةٌ لِلْحَقِّ مُلْزِمَةٌ لِلْحَالِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بَدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَزِمَ الْمَالُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ وَالْفَسْخُ يُرَدُّ عَلَى الْعُقُودِ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَهُ ظُهُورُ الْحَقِّ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، وَشَرْطُهُ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِكَفِّ تُرَابٍ أَوْ حَبَّةِ حِنْطَةٍ لَا يَصِحُّ، وَحُكْمُهُ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ كَائِنٍ سَابِقٍ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَالْمُقَرُّ لَهُ يَعْلَمُ كَذِبَهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ بِطِيبَةِ نَفْسٍ مِنْهُ. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً كَالْهِبَةِ.
قَالَ: (وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُقِرِّ إِذَا كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا) ، وَيَصِحُّ إِقْرَارُ الْعَبْدِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ.
قَالَ: (إِذَا أَقَرَّ لِمَعْلُومٍ) لِأَنَّ فَائِدَةَ الْإِقْرَارِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ لِمَجْهُولٍ.
قَالَ: (وَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِمَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ وَيُبَيِّنُ الْمَجْهُولَ) أَمَّا الْمَعْلُومُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَلَا يَدْرِي كَمِّيَّتَهُ كَغَرَامَةِ مُتْلَفٍ لَا يَدْرِي كَمْ قِيمَتُهُ أَوْ أَرْشِ جِرَاحَةٍ أَوْ بَاقِي دَيْنٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ أَوْ كَانَ يَعْلَمُهُ ثُمَّ أُنْسِيَ، وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ، وَالْبَيَانُ عَلَيْهِ، كَمَا إِذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَيُبَيِّنُهُ، إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْجَبْرِ مِنَ الْقَاضِي إِيصَالًا لِلْحَقِّ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ، بِخِلَافِ جَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَبِخِلَافِ الشُّهُودِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِمْ إِلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالْمُقِرُّ لَهُ حَاجَةٌ لِخَلَاصِ ذِمَّتِهِ، وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُبْتَنَى عَلَى الدَّعْوَى، وَالدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ لَا تُقْبَلُ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْحَقَّ إِلَّا بِانْضِمَامِ الْقَضَاءِ إِلَيْهَا، وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالْإِقْرَارُ مُوجِبٌ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا لَا يَعْمَلُ الرُّجُوعَ فِيهِ وَيَعْمَلُ فِي الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا.