. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَجْهُولًا فَتُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَالْجِنْسُ كَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ، وَالنَّوْعُ كَالْبَرْنِيِّ، وَالْمَكْتُومُ فِي التَّمْرِ وَفِي الْحِنْطَةِ كَسَهْلِيَّةٍ وَجَبَلِيَّةٍ، وَالْوَصْفُ كَالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، وَالْأَجَلُ كَقَوْلِهِ إِلَى شَهْرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ شَرْطٌ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ شُرِعَ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّأْجِيلِ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّحْصِيلِ وَتَقْدِيرُهُ إِلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ، ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ. وَعَنِ الطَّحَاوِيِّ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، رَوَاهُ عَنْ أَصْحَابِنَا اعْتِبَارًا بِمُدَّةِ الْخِيَارِ. وَرُوِيَ عَنْهُمْ لَوْ شُرِطَ نِصْفُ يَوْمٍ جَازَ لَأَنَّ أَدْنَى مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا تَتَقَدَّرُ فَكَذَلِكَ أَجَلُ السَّلَمِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ شَهْرٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الْآجِلِ وَأَقْصَى الْعَاجِلِ. وَأَمَّا الْقَدْرُ فَقَوْلُهُ كَذَا قَفِيزًا وَكَذَا رِطْلًا، وَهُوَ شَرْطٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» وَأَمَّا مَكَانُ الْإِيفَاءِ فَقَوْلُنَا فِي مَكَانِ كَذَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ إِذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمَؤُونَةٌ، وَقَالَا: لَا يَشْتَرِطُ وَيُوَفِّيهِ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ، لِأَنَّ مَكَانَ الْعَقْدِ مُتَعَيِّنٌ لِعَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَكَمَا فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ. وَلَهُ أَنَّ التَّسْلِيمَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ يَكُونُ عِنْدَ حُلُولِهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ مَوْضِعِ الْإِيفَاءِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ فِي الْحَالِ، وَلَا مُنَازَعَةَ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْأُجْرَةُ وَالثَّمَنُ إِذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ، وَالْقِسْمَةُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمَؤُونَةٌ، وَإِذَا شَرَطَ مَكَانًا يَتَعَيَّنُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ؛ وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ حَمْلٌ، وَمَؤُونَةٌ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ؟ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ شَرَطَ لَهُ مَكَانًا قِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ لِلْفَائِدَةِ، لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَنْبَرِ فِي الْمِصْرِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي السَّوَادِ، وَلِأَنَّ فِيهِ أَمْنَ خَطَرِ الطَّرِيقِ.
وَأَمَّا بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: يُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِهَا وَصَارَ كَالثَّوْبِ إِذَا كَانَ رَأْسَ الْمَالِ. وَلَهُ أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَجِدُ بَعْضَهَا زُيُوفًا وَقَدْ أَنْفَقَ الْبَعْضَ فَيَرُدُّهُ وَلَا يُسْتَبْدَلُ فِي الْمَجْلِسِ، وَفِي الْمِثْلِيَّاتِ يَنْقَسِمُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَنْتَقِضُ السَّلَمُ بِقَدْرِ مَا رُدَّ، وَلَا يُدْرَى قَدْرُ الْبَاقِي فَيُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقِّقِ لِشَرْعِيَّتِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَلَّقُ عَلَى مِقْدَارِهِ، وَعَلَى هَذَا إِذَا أَسْلَمَ فِي جِنْسَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ أَسْلَمَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ أَحَدِهِمَا. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الْعَشَرَةَ وَهَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي كَذَا، أَوْ يَقُولُ: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ، أَوْ فِي ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ كَالثَّوْبِ وَالْحَيَوَانِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قِيمَتُهُ وَذَرْعُهُ، لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الذُّرْعَانِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الْجَوْدَةِ،