يقولوا لنا: ماذا أقاموا للعرب من الملك حتى نشكرهم، ونقر بفضلهم، لأننا عرب نحب كل من أحب العرب، ونبغض كل من أبغض العرب، ولا نبالي بالقيل والقال أمام الحقائق". (?) وحتى لا نستغرق في الاستطراد نرجع فنؤكد على التأثير النصراني في تفرقة المسلمين، وننبه إلى أنه لم يكن وليد العصر الحديث ولكنه اشتد ونجح في القرون الأخيرة فأتى أكله وثماره المريرة، ولا يعني ذلك بحال عدم وجود محاولات قديمة من النصارى لتفريق صف المسلمين بل كانت لهم صولات وجولات كان لها أثرها الفعال في شق صف أمة الإسلام.
فـ"المراجع القديمة تثبت لنا أن القدرية أخذوا أقوالهم في القدر عن النصرانية، وتذكر لنا اسمين ارتبط بهما شيوع ذلك الاتجاه ونقله إلى المسلمين، وهما معبد الجهني وغيلان الدمشقي، قال ابن قتيبة رحمه الله عن غيلان: كان قبطيًا قدريًا، لم يتكلم أحد في القدر قبله، ودعا إليه معبد الجهني.. ونحوًا مما ذكره ابن قتيبة نقل عن الأوزاعي وابن نباتة والمقريزي وغيرهم". (?)
فأثر النصارى في اختلاف المسلمين قديم، وأما أثر اليهود فهو أظهر وأخطر في القديم والحديث، ولعله لا يتسع المقام لبسطه، وقد ركزت على الأثر النصراني لخفائه عن البعض.