رابعًا: ومن عوامل الاختلاف والتفرق: التعصب.
سواء كان سياسيًا أو مذهبيًا أو حزبيًا أو لأفراد ورموز، وسواء كان لفرط حب أو فرط بغض.
إن التعصب ران يطغى على القلب والعقل فيحجبهما، ومهما عرضت على المتعصب من الحجج والبراهين فلن يراهها.
يقول الماوردي رحمه الله: "ولقد رأيت من هذه الطبقة رجلا يناظر في مجلس حفل وقد استدل عليه الخصم بدلالة صحيحة فكان جوابه عنها أن قال: إن هذه دلالة فاسدة, وجه فسادها أن شيخي لم يذكرها وما لم يذكره الشيخ لا خير فيه. فأمسك عنه المستدل تعجبا; ولأن شيخه كان محتشما. وقد حضرت طائفة يرون فيه مثل ما رأى هذا الجاهل, ثم أقبل المستدل علي وقال لي: والله لقد أفحمني بجهله وصار سائر الناس المبرئين من هذه الجهالة ما بين مستهزئ ومتعجب, ومستعيذ بالله من جهل مغرب". (?)
وما أقبح هذا الجهل يوم يسري إلى طوائف تعد نفسها في عداد العاملين للإسلام الذائدين عن حياضه، ويزداد هذا القبح يوم يزعم أصحابها أنهم أهل الفكر المستنير والعقول غير المنغلقة! ويتضاعف القبح يوم ينتسبون إلى السلف أو السنة، والسلف والسنة من هذا التعصب المقيت براء.