ولكنهم وضعوا لذلك ضوابط من أهمها ما قرره العز بن عبد السلام حيث يقول: "والضابط في هذا أن مأخذ المخالف إن كان في غاية الضعف والبعد عن الصواب فلا نظر إليه، ولا التفات عليه، إذ كان ما اعتمد عليه لا يصح نصه دليلًا شرعًا" (?) ثم قال: "وإن تقاربت الأدلة في سائر الخلاف بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد فهذا مما يستحب الخروج من الخلاف فيه حذرا من كون الصواب مع الخصم والشرع يحتاط لفعل الواجبات والمندوبات, كما يحتاط لترك المحرمات والمكروهات".
فالخلاف إذا كان له حظٌّ من النَّظر، والأدلَّة تحتمله، فالمحققون يكرهون ويستحبون لأجل الخروج منه؛ لا لأنَّ فيه خلافًا بل هو من باب «دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك» ، ويتأكد هذا بل قد يتعين حتى مع الخلاف الضعيف إن خشي ترتب مفسدة أعظم على الخلاف.
أما إذا كان الخلاف لا حَظَّ له من النَّظر فلا يُمكن أن نعلِّلَ به المسائل؛ ونأخذ منه حكمًا.
فليس كلُّ خلافٍ جاء مُعتَبر ... ًا إلا خلافٌ له حظٌّ من النَّظر