وإذا نهى الشارع عن النظر إلى النساء بسبب ما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه، وواقع الناس اليوم يبين أن الاختلاط يفضي لزامًا لوقع البصر عما أمر الله بحفظه عنه، وإذا كان الذي يُفضِي إلى الوقوع في المحظور يلزم منه وقوع المحظور، ففعله حرام عند من قال بسد الذرائع وعند من لم يقل (?)، فهو بمثابة ما لا يتم الامتثال إلا به، وعلى أقل الأحوال هو بمثابة (الذرائع) التي تُفضِي إلى المحظور غالبًا، وقد ذكر أهل العلم أن الحكم إذا علق بمظنة استوى وجودها وعدمه.
عَمَّ يُغَضُّ البصرُ!
وهنا لعله يَرِدُ سؤالٌ: مادَامَ أن الحجاب مفروض والقرار مأمور به، فعَمَّ يُغض البصر؟ وجوابه أن غض البصر يكون عن المحارم كلها، فقد تخرج امرأة لحاجة، وربما خرجت نساء مترخصات بغير حاجة، وربما كان المجتمع ـ كشأن سائر المجتمعات ـ خليطًا لا يخلو من كتابيات ونحوهن، وغض البصر مطلوب عن كل سافرة سواء كانت مائلة مميلة، أو أمة، أو كتابية.
والشريعة الإسلامية بحمد الله واقعية تتعامل مع طبائع الناس على اختلاف أصنافهم، فتشرع الأحكام لكافة الأحوال، فهي صالحة لكل زمان ومكان وحال، ما فرط ربنا في الكتاب من شيء، وهذه الواقعية سمة ظاهرة في التشريع (?).