يقيس دعاة الاختلاط اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر في المطاف والطريق، وإباحة النظر اليسير إلى المخطوبة والجلوس معها زمنًا يسيرًا بلا خلوة.
ومن المعلوم أن الشارع أباح النظر اليسير إلى المخطوبة والجلوس معها زمنًا يسيرًا بلا خلوة، وبناء على قياس دعاة الاختلاط فإنه ما دام الجلوس معها زمنًا يسيرًا جائزًا، فلا مانع من أن يجلس معها أيامًا وليالي، وينامان في غرفة واحدة بلا خلوة قياسًا على ما سبق؛ لأنه لا فرق ـ عند دعاة الاختلاط ـ بين الزمن اليسير والكثير في الأحكام.
فمن قاس اختلاط المكث على الاختلاط العارض؛ فهو كمن قاس النوم مع المخطوبة بلا خلوة على الجلوس اليسير مع المخطوبة بلا خلوة!
وفي كل أبواب فقه الشريعة تجد الشارع إذا رخص في الزمن اليسير لم يسامح في الزمن الكثير، ولم يَجُز قياسُه عليه، فمثلًا، الله تعالى أجاز للجنب اللبث زمنًا يسيرًا في المسجد كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (النساء:43)، فأجازه على وجه عبور السبيل لأنه زمن يسير، فبناءً على قياس دعاة الاختلاط فإنه ما دام لُبْث الجنب زمنًا يسيرًا في المسجد يجوز، فكذلك يجوز أن يعتكف هذا الجنب ليلةً في المسجد ـ أيضًا ـ قياسًا على ما أجازته الآية من اللبث زمنًا يسيرًا، فهل هذا قياس مقبول؟!
إن من قاس اختلاط المكث على الاختلاط العارض؛ فهو كمن قاس اعتكاف الجنب على لُبْث الجنب في المسجد، فكلاهما مهدِرٌ اعتبار تفريق الشارع بين الزمن اليسير والكثير في الأحكام.