إن من أعظم أسباب الشذوذ اضطراب الأسرة، وانشغالها عن رعاية بنيها، ولهذا كان من الطبيعي استشراء الشذوذ في الغرب الذي بات مصير الأسرة فيه مهددًا بالانقراض إثر الانحلال المتفشي؛ فعندما تهمل الأسرة أبناءها , تكون النتيجة المرتقبة انحرافهم بأشكال مختلفة، قد يمثل الشذوذ أحدها، خاصة عندما ينشأ الأولاد في أسر استرجلت فيها النساء، أو في مجتمع سُلب ذكوره الرجولة.

ومع ذلك فإننا لا ننكر أن يكون الشذوذ ظاهرة ربما عرضت لنفر منبوذ ـ لا يراعي للاختلاط حرمة ـ في مجتمع عربي، ولكن ما نستهجنه محاولات تبرير الدعوة إلى الاختلاط بدعاوى سمجة، بالإضافة إلى تحليل أسباب ظاهرة الشذوذ في المجتمعات العربية تحليلًا سطحيًا ساذجًا، يُضحك به على البسطاء، ثم اقتراح عقار آخر يضاعف الداء، بتحليله لتدابير الإسلام الوقائية، كمنعه من الاختلاط، وهدمه لتدابير الإسلام الإيجابية كحَضِّه على الزواج، وترخيصه في الإماء، وأمره بالصيام.

يقول الأستاذ سيد قطب - رحمه الله -:

«لقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة، والحديث الطليق , والاختلاط الميسور، والدعابة المرحة بين الجنسين , والاطلاع على مواضع الفتنة المخبوءة.

شاع أن كل هذا تنفيس وترويح , وإطلاق للرغبات الحبيسة , ووقاية من الكبت , ومن العقد النفسية , وتخفيف من حدة الضغط الجنسي , وما وراءه من اندفاع غير مأمون ... الخ.

شاع هذا على إثر انتشار بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه من الحيوان , والرجوع به إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015