قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري: «ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْن الصَّحَابَة وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ: الْأُولَى قَبْلَ الْهِجْرَة بَيْن الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً عَلَى الْمُوَاسَاة وَالْمُنَاصَرَة، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أُخُوَّةُ زَيْد بْن حَارِثَةَ وَحَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب. ثُمَّ آخَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار بَعْد أَنْ هَاجَرَ وَذَلِكَ بَعْد قُدُومه الْمَدِينَة، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّل كِتَاب الْبَيْع (?) حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف «لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَة آخَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - بَيْنِي وَبَيْن سَعْد بْن الرَّبِيع» (?).

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: «آخى بين سلمان وأبي الدرداء - رضي الله عنهما -: أي عقد بينهما عقد أخوة، وذلك أن المهاجرين حين قدموا المدينة آخى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بينهم وبين الأنصار، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، فكان المهاجرون في هذا العقد للأنصار بمنزلة الأخوة، حتى إنهم كانوا يتوارثون بهذا العقد، حتى أنزل الله - عز وجل -: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (الأنفال:75) (?).

مما سبق يتضح أن ما حدث بين سلمان وأم الدرداء - رضي الله عنهما - كان حين قدوم المهاجرين المدينة، وقبل نزول آية الحجاب؛ فنسخت آية الحجاب وأحاديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المحكمة مثل هذا الاختلاط، كما نُسخ التوارث بين من آخي بينهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بآيات المواريث.

فالعجب كل العجب ممن يترك المحكم ويتمسك بالمتشابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015