وَأَخَذَ الْمُصَنِّف قَوْله فِي التَّرْجَمَة (عِنْد النَّاس) مِنْ قَوْله فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث: «فَخَلَا بِهَا فِي بَعْض الطُّرُق أَوْ فِي بَعْض السِّكَك» وَهِيَ الطُّرُق الْمَسْلُوكَة الَّتِي لَا تَنْفَكّ عَنْ مُرُور النَّاس غَالِبًا.

قَوْله (فَخَلَا بِهَا رَسُول اللهِ) أَيْ فِي بَعْض الطُّرُق، قَالَ الْمُهَلَّب: لَمْ يُرِدْ أَنَس أَنَّهُ خَلَا بِهَا بِحَيْثُ غَابَ عَنْ أَبْصَار مَنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِنَّمَا خَلَا بِهَا بِحَيْثُ لَا يَسْمَع مَنْ حَضَرَ شَكْوَاهَا وَلَا مَا دَار بَيْنهمَا مِنْ الْكَلَام، وَلِهَذَا سَمِعَ أَنَس آخِر الْكَلَام فَنَقَلَهُ وَلَمْ يَنْقُل مَا دَار بَيْنهمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعهُ اهـ ... وَفِي الْحَدِيث مَنْقَبَة لِلْأَنْصَارِ ... وَفِيهِ سَعَة حِلْمه وَتَوَاضُعه صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَبْره عَلَى قَضَاء حَوَائِج الصَّغِير وَالْكَبِير، وَفِيهِ أَنَّ مُفَاوَضَة الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة سِرًّا لَا يَقْدَح فِي الدِّين عِنْد أَمْن الْفِتْنَة، وَلَكِنَّ الْأَمْر كَمَا قَالَتْ عَائِشَة: «وَأَيّكُمْ يَمْلِك إِرْبه كَمَا كَانَ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَمْلِك إِرْبه» (?).

وقال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من صحيح مسلم: «هَذِهِ الْمَرْأَة إِمَّا مَحْرَم لَهُ كَأُمِّ سُلَيْمٍ وَأُخْتهَا، وَإِمَّا الْمُرَاد بِالْخَلْوَةِ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ سُؤَالًا خَفِيًّا بِحَضْرَةِ نَاس، وَلَمْ يَكُنْ خَلْوَة مُطْلَقَة وَهِيَ الْخَلْوَة الْمَنْهِيّ عَنْهَا» (?).

وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً»، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ»، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث من (صحيح مسلم): «قَوْله: (خَلَا مَعَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015