جواب ذلك في القول باستقرار المنع من الاختلاط عندهما ولهذا {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}.
وقد ذكر بعض المشايخ المعاصرين أربعة عشر وجهًا في القصة انتزع منها الدلالة على منع الاختلاط، وآخر ذكر تسعة عشر مظهرًا من مظاهر العفة في القصة (?).
ومن الآيات السابقة: يتضح لنا أن المرأتين خرجتا للعمل في السقيا، ولكن خروجهما كان للضرورة لهذا قالتا: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}.
ونلاحظ أيضًا في القصة قول الله - عز وجل -: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}؛ لأنها تربَّتْ على الحياء لم تتكشف ولم تتبرج.
قال الحافظ ابن كثير: «قال الله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} أي: مشي الحرائر، كما روي عن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - أنه قال: «كانت مستتَرة بكم درْعها».
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمر بن ميمون قال: قال عمر - رحمه الله -: «جاءت تمشي على استحياء، قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع خَرَّاجة ولاجة». (هذا إسناد صحيح).
قال الجوهري: «السلفع من الرجال: الجسور، ومن النساء: الجريئة السليطة» (?).
وفي الآية أيضًا من الأدب والعفة والحياء، ما بلغ ابنة الشيخ مبلغًا عجيبًا في التحفظ والتحرز، إذ قالت: {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}، فجعلت