وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: «أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ».
قَالَ: «عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ».
قَالَ عُمَرُ: «فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ». ثُمَّ قَالَ: «أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -؟»، قُلْنَ: «نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -».
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ». (رواه البخاري ومسلم).
فعمر - رضي الله عنه - استأذن في الدخول ثم دخل ولم يجلس معهن بل خاطبهن من وراء حجاب بحضرة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وفي الحديث دلالة على وجوب الاحتجاب وتحريم الاختلاط، فبمجرد سماعهن لصوت عمر - رضي الله عنه - وهو يستأذن قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، وهذا يدل على وجوب الاحتجاب من الرجل الأجنبي عند دخوله بيت صاحبه، وعدم مشروعية الاختلاط.
وفيه دلالة على التفريق بين مطلق الدخول ودخول الحجاب.
وأيضًا مما يوضح الفرق بين المحارم وغيرهم في معنى الدخول حديث الزُّهْرِىِّ قَالَ: حَدَّثَنِى عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ ـ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهْوَ ابْنُ أَخِى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - لأُمِّهَا أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِى بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: «وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا».
فَقَالَتْ: «أَهُوَ قَالَ هَذَا؟»، قَالُوا: «نَعَمْ».