آبائه اعظم مما على من حقك، وكذلك عليك، لو عرفت، إذ شرفك، فكافاته، ان خلعت طاعته، وسعرت مملكه العجم نارا وحربا، فكان قصاراك ان رجعت خائبا حسيرا، وصرت احدوثه لجميع الأمم.
فأرسل اليه بهرام: ان العنز يساوى درهمين مرتين: إذا كان عناقا صغيرا، وإذا هرم وسقطت اسنانه لم يساو أيضا الا درهمين، وكذلك أنت في هرمك ونقصان عقلك.
فلما أتت قارن هذه الرسالة، غضب وخرج في ثلاثين الف فارس ورجل من جنوده، وتهيأ الفريقان للحرب. فلما التقوا قتل ابن قارن، فانهزم اصحابه، حتى لحقوا بمدينه قومس. ومضى بهرام على خوارزم، فعبر النهر، ووغل في بلاد الترك من ذلك الوجه يؤم خاقان ليستجير به فيجيره، ويمنع عنه.
وبلغ خاقان قدوم بهرام عليه، فامر طراخنته، فاستقبلوه، واقبل حتى دخل على خاقان، فحياه بتحية الملك، وقال: انى اتيتك ايها الملك مستجيرا بك من كسرى واهل مملكته لتمنعنى واصحابى، فقال له خاقان: لك ولأصحابك عندي الحماية والجوار والمواساه.
ثم ابتنى له مدينه، وبنى في وسطها قصرا، فانزله واصحابه فيها، ودون لهم، وفرض الاعطيات، فكان بهرام يدخل على خاقان كل يوم، فيجلس منه مجلس اخوته، وخاص اقاربه.
وكان لخاقان أخ يسمى بغاوير وكانت له نجده وفروسيه، فرآه بهرام يتذرع في منطقته غير هائب من الملك، ولا موقرا لمجلسه، فقال ذات يوم لخاقان: ايها الملك، انى ارى اخاك بغاوير يتذرع في الكلام، ولا يرعى لمجلسك ما يجب ان يرعى لمجلس الملوك، وعهدنا بالملوك لا يتكلم اخوتهم وأولادهم عندهم الا بما يسألون عنه. فقال خاقان: ان بغاوير قد اعطى نجده في الحروب وفروسيه، فهو يدل بذلك، على انه يتربص بي الدوائر، ويضمر لي الحسد والعداوة. قال له بهرام: افتحب ايها الملك ان اريحك منه.