وقد كان بهرام، حين وافى المدائن، فصادف هرمزد الملك قتيلا، ازداد غيظا على كسرى وحنقا، فوجه بهرام بن سياوشان في الف فارس على الخيل العتاق. فلما نظر كسرى واصحابه الى الخيل سقط في ايديهم، وايسوا من انفسهم، فقال بندويه لكسرى: انا أخلصك بحيلتي، غير انى اغرر بنفسي.
قال له كسرى: يا خال، انك ان وقيتني بنفسك سلمت او قتلت، فكفاك بذلك ذكرا باقيا وشرفا عاليا، فقد خاطر ارسناس بنفسه في امر منوشهر، واتى فراسياب ملك الاتراك، وهو في وسط جنوده، فرماه بسهم فقتله، واراح زاب الملك منه، فأصاب بثار منوشهر، فقتل، فبعد صيته في الناس، وعظم ذكره، وقد خاطر جوذرز بنفسه بسبب سابور ذي الاكتاف حين قام بتدبير ملكه، وضبط سلطانه، فحسده الناس لذلك، فلما ادرك سابور ملكه على جميع أموره، وفوض اليه سلطانه.
قال له بندويه قم، فالق عنك قباءك، ومنطقتك، وحل عنك سيفك، وضع تاجك، واركب في سائر أصحابك، فتبطنوا هذا الوادى، فاغذوا فيه السير، ودعوني والقوم.
ففعل كسرى ما امره، وتبطن الوادى، وسار في بقية اصحابه، وعمد بندويه الى قباء كسرى فلبسه، وتنطق بمنطقته، ووضع التاج على راسه. ثم قال للرهبان عليكم بالجبل، فألحقوا به الى ان ينصرف هذا الخيل، والا لم آمن ان يقتلوكم. عن آخركم. فتركوا الصومعة جميعا، وخرجوا عن الدير.
وصعد بندويه، فصار على سطح الدير، وقد اغلق عليه الباب، وهو لابس بزه كسرى، فقام على رجليه قائما، حتى علم ان القوم قد راوه جميعا، ثم نزل الى الدير، فخلع بزه كسرى، ولبس بزه نفسه، ثم عاد الى سطح الدير، وقد حدقت به الخيل، فقال يا قوم، من اميركم؟ فاتى بهرام بن سياوشيان وقال انا أميرهم، ما تشاء يا بندويه؟