من جنوده لا يطمع نفسه في اغتصاب احد من الرعية مقدار حبه فما فوقها، وانه إذا نزل المنزل دعا بكتاب كليله ودمنه، فلا يزال منكبا عليه طول نهاره.

فقال كسرى لخاليه بندويه وبسطام: ما خفت بهرام قط كخوفى منه الساعة، حين اخبرت بإدمانه النظر في كتاب كليله ودمنه، لان كتاب كليله ودمنه يفتح للمرء رايا افضل من رايه، وحزما اكثر من حزمه، لما فيه من الآداب والفطن.

وان كسرى وبهرام توقفا بالنهروان، فعسكر كل منهما باصحابه في ناحيه، وخندق على نفسه، ثم ان بهرام عقد جسرا، وعبر الى كسرى، فلما تواقف الجمعان بدر بهرام حتى دنا من صفوف كسرى، ثم صاح باعلى صوته تبا لكم يا معشر العجم، في خلعكم ملككم، ايها الناس: توبوا الى ربكم مما فعلتم، وانحازوا الى بجماعتكم حتى نرد السلطان على ملككم قبل ان ينزل الله نقمته عليكم.

فلما سمع اصحاب كسرى ذلك قال بعضهم لبعض قد والله صدق بهرام، وان الأمر لعلى ما قال، فهلموا بنا نتلاف امرنا، ونصلح ما كان منا بإجابة بهرام الى ما راى.

وانحازوا جميعا، فانضموا الى بهرام، ولم يبق مع كسرى الا خالاه، بندويه وبسطام، وهرمزد جرابزين، والنخارجان، وسابور بن ابركان، ويزدك كاتب الجند، وباد بن فيروز، وشروين بن كامجار، وكردى بن بهرام جشنس أخو بهرام شوبين لأبيه وأمه، وكان من ثقات كسرى واحبائه.

فقال [1] هؤلاء لكسرى: ايها الملك، ما تفعل؟ الا ترى الى جميع الناس قد فارقوك، وانحازوا الى عدوك. فمضى نحو المدائن حتى إذا انتهى الى قنطره جوذرز التفت وراءه، فإذا هو ببهرام وحده، قد ترك الناس خلفه حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015