واعلموا ايها الناس، انا فارقون بين سوطنا وسيفنا، ومستعملوهما بتثبت وحسن رويه، فمن غمط نعمتنا وخالف امرنا، وحاول ما نهيناه عنه، فانا لا نكاد نصلح رعايانا، ونضبط أمورنا الا بتنكيل من خالف امرنا، وتعدى سيرتنا، وسعى في فساد سلطاننا، ولا يطمعن احد في رخصه منا، ولا يرجون هواده عندنا، فانا غير مداهنين في حق الله الذى قلدنا، فوطنوا انفسكم على احدى خلتين: اما استقامه بما تصلحون، واما مخافه على ما تتلفون، فان الصلاح حجتان معتدان لكم عندنا من تدبير ملكنا، وضبطنا سلطاننا، فلا تستصغروا وعيدنا، وتهددنا، ولا تحسبوا ان فعلنا يقصر عن قولنا، وانما أحببنا ان نعلمكم رأينا في اجتناب الرخص والمحاباه، وحرصنا على الاعتذار قبل الإيقاع، والأخذ بقصد السيرة والعدل في الرعية، واختيار طاعتكم التي بها تكون ألفتكم واستقامتكم، فثقوا بما بدأنا به من وعد، وخافوا ما أظهرنا من وعيد، ونحن نسأل الله ان يعصمكم من استدراج الشيطان وضلاله، وان يسددكم لما يقرب من طاعته، وبلوغ مرضاته، والسلام عليكم.
فلما سمع الناس ذلك تباشر به الضعفاء واهل الضعة، وفت ذلك في اعضاد العليه وساءهم، فتنكبوا ما كانوا فيه من الاستطالة على الضعفاء، والقهر لأهل الضعة،.
وكان هرمزد ملكا متحريا لحسن السيرة، مثابرا على استصلاح الرعية، رحيما بالضعفاء، شديدا على الأقوياء، وبلغ من عدله وتحريه الحق انه كان يسير في كل عام الى ارض الماهين [1] فيصيف بها، وكان يأمر عند مسيره إليها مناديه، فينادى في عسكره ان يتحاموا الاضرار بالدهاقين [2] ، ويوكل بتعهد ذلك ومعاقبه من تعدى امره فيه رجلا من ثقاته.