فأرسل قباذ الى الجاريه بخاتمه، وجعل ذلك مهرها، فهيئت وادخلت عليه، فخلا بها قباذ، وسر بها سرورا شديدا لما الفاها ذات عقل وجمال وادب وهيئة، فأقام عندها ثلاثا، ثم امرها بحفظ نفسها، وخرج سائرا حتى ورد على صاحب الهياطلة، فشكا اليه صنيع رعيته به، وساله ان يمده بجيش ليسترجع ملكه، فأجابه الى ذلك، وشرط عليه ان يسلم له حيز الصغانيان، ووجه معه ثلاثين الف رجل.

فاقبل بهم يريد أخاه، فاخذ على طريقه الذى شخص فيه بديئا حتى نزل القرية التي تزوج فيها بتلك المرأة، فنزل على أبيها، وساله عنها، فاخبره انها ولدت غلاما، فامر بإدخالها عليه مع ابنها، فدخلت ومعها الغلام، فابتهج به، ورآه كاجمل ما يكون من الغلمان، فسماه كسرى، وهو كسرى انوشروان الذى تولى الملك من بعده، فقال لزرمهر: اخرج، فسل لي عن هذا الرجل ابى الجاريه هل له قديم شرف؟، فسال عنه، فاخبر انهم من ولد فريدون الملك، ففرح بذلك قباذ، وامر بالجارية وابنها، فحملا معه.

ولما انتهى الى مدينه طيسفون تلاومت العجم فيما بينها، وقالوا: ان قباذ تنصل إلينا من شان مزدك، ورجع عما كنا اتهمناه، فلم نقبل ذلك منه، وظلمناه حقه، وأسأنا اليه، فخرجوا اليه جميعا، وفيهم جاماسف اخوه الذى ملكوه، فاعتذروا اليه، فقبل ذلك منهم، وصفح عن أخيه جاماسف، وعنهم، واقبل فدخل قصر المملكة، ووصل الجيش الذى اقبل بهم، واجازهم، واحسن اليهم، وردهم الى ملكهم، وامر بالجارية، فانزلت في افضل مساكنه.

ثم ان قباذ تجهز وسار في جنوده، غازيا بلاد الروم، فافتتح مدينه آمد وميافارقين، وسبى أهلها، وامر فبنيت لهم مدينه فيما بين فارس والاهواز، فأسكنهم فيها، وسماها ايرقباذ، وهي استان الأعلى، وجعل لها اربعه طساسيج:

طسوج [1] الأنبار، وكان منها هيت وعانات [2] ، فضمها يزيد بن معاويه حين ملك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015