عليهم رجلا منهم، يقال له وهرز بن الكامجار، وكان شيخا كبيرا، قد اناف على المائه، وكان من فرسان العجم، وابطالها، ومن اهل البيوتات والشرف، وكان اخاف السبيل، فحبسه كسرى.
فسار وهرز باصحابه الى الأبله [1] ، فركب منها البحر، ومعه سيف بن ذي يزن، حتى خرجوا بساحل عدن، وبلغ الخبر مسروقا، فسار اليهم، فلما التقوا وتواقفوا للحرب اسرع له وهرز بنشابه، فرماه، فلم يخطئ بين عينيه، وخرجت من قفاه، وخر ميتا، وانفض جيشه، ودخل وهرز صنعاء، وضبط اليمن، وكتب الى كسرى بالفتح، فكتب اليه كسرى، يأمره بقتل كل اسود باليمن، وبتمليك سيف عليها، وبالاقبال اليه، ففعل. وان بقايا من السودان قد كان سيف استبقاهم، وضمهم الى نفسه، يجمزون [2] بين يديه إذا ركب، شدوا على سيف يوما، وهم بين يديه في موكبه، فضربوه بحرابهم حتى قتلوه.
الفرس واليمن
فرد كسرى وهرز الى ارض اليمن، وامره الا يدع بها اسود ولا من ضربت فيه السودان الا قتله، فأقام بها خمسه احوال، فلما ادركه الموت دعا بقوسه ونشابه، ثم قال: أسندوني، ثم تناول قوسه، فرمى، وقال: انظروا حيث وقعت نشابتى، فابنوا لي هناك ناووسا، واجعلوني فيه، فوقعت نشابته من وراء الكنيسه، وسمى ذلك المكان الى اليوم مقبره وهرز، ثم وجه كسرى الى ارض اليمن بادان، فلم يزل ملكا عليها الى ان قام الاسلام.
قالوا: وكان قباذ عند ما افضى اليه الملك حدث السن من أبناء خمس عشره سنه، غير انه كان حسن المعرفة، ذكى الفؤاد، رحيب الذراع، بعيد الغور، فولى شوخر امر المملكة، فاستخف الناس بقباذ، وتهاونوا به لاستيلاء شوخر