قالوا: وان بهرام امر بذبح سبعه آلاف ثور وحمل جلودها، وساق معه سبعه آلاف مهر حولي، وجعل يسير الليل ويكمن النهار، وأخذ على طبرستان، ثم تبطن ضفة البحر حتى خرج الى جرجان، ثم صار الى نسا ثم الى مرو. وكان خاقان معسكرا بها بكشميهن [1] حتى إذا صار بهرام من مرو على منقله [2] ، وخاقان لا يعلم شيئا من علمه امر بتلك الجلود، فنفخت، والقى فيها الحصى، وجففت، ثم علقها في اعناق تلك المهارة، حتى دنا من عسكر خاقان، وكانوا نزولا على طرف المفازة، على سته فراسخ من مدينه مرو، فخلوا عن تلك المهارة ليلا، وطردوها من ورائها، فارتفع لتلك الجلود، والحجاره التي فيها، وعدو المهارة بها، وضربها إياها بأيديها أصوات هائله أشد من هده الجبال والصواعق.
وسمعت الترك تلك الأصوات، فلما سمعوها راعتهم، ولا يدرون ما هي، وجعلت تزداد منهم قربا، فاجلوا عن معسكرهم، وخرجوا هربا، وبهرام في الطلب، فتقطرت [3] دابه خاقان بخاقان، وادركه بهرام، فقتله بيده، وغنم عسكره، وكل ما كان فيه من الأموال، وأخذ خاتون امراه خاقان.
ومضى بهرام على آثار الترك ليلته ويومه كله، يقتل وياسر، حتى انتهى الى آمويه، ثم عبر نهر بلخ، يتبع آثارهم، حتى إذا صار الى القرب فاذعن له الترك، وسألوه ان يعلم حدا بينه وبينهم، لا يجاوزونه، فحد لهم مكانا واغلا في ارضهم، وامر بمناره، فبنيت هناك، وجعلها حدا، ثم انصرف الى دار الملك، ووضع عن الناس خراج تلك السنه، وقسم في اهل الضعف والمسكنه شطر ما غنم، وقسم الشطر الآخر بين جنده الذين كانوا معه، فعم السرور اهل مملكته، فلهوا جذلا وابتهاجا، فبلغ اجر اللعاب [4] في اليوم عشرين درهما، وصار اكليل الريحان بدرهم.