وكانت بين اليوبيانوس وسابور موده وخله، فأرسل الى سابور ينذره، فانصرف راجعا، وسار الملك الرومي الى باب مدينه طيسفون، وخرج اليه سابور في جنوده، فهزمه الرومي حتى بلغوا قنطره جازر، واحتوى الرومي على مدينه طيسفون، ولم يقدروا على القصر لحصانته، ومن فيه من الحماه عنه، وثاب الناس الى سابور، فزحف الى جمع الروم، فنحاهم عن المدينة، وعسكر ببابها، وراسل ملك الروم، فبينما هم في ذلك إذ اتى ملك الروم سهم عائر، وهو في مضربه، وحوله بطارقته، فأصاب مقتله، فسقط في أيدي الروم لمكانهم الذى هم به، واشراف عدوهم عليهم، فطلبوا الى اليوبيانوس ان يتملك عليهم، فأبى، وقال: لست اتملك على قوم مخالفين لي في ديني، لانى على دين النصرانية، وأنتم على دين الروم الاول، فقال له البطارقه والعظماء: فانا نحن جميعا على مثل ما أنتم عليه، غير انا كنا نكاتم بذلك خوفا من الملك، فتملك عليهم اليوبيانوس، ولبس التاج.
وبلغ سابور امرهم، فأرسل اليهم: اصبحتم اليوم في قبضتي وقدرتي، ولأقتلنكم بمكانكم هذا جوعا وهزلا، فاجمع اليوبيانوس على اتيان سابور، لما كان بينهم من المودة، فأبى عليه البطارقه والرؤساء، فخالفهم، وأتاه، فعرف له سابور يده عنده في إنذاره اياه تلك الليلة وجعل له اليوبيانوس نصيبين [1] ، وحيزها عوضا مما افسدت الروم من مملكته، وكتب له بذلك.
وبلغ اهل نصيبين ذلك، فانتقلوا عنها ضنا بالنصرانية، وكراهية لتمليك الفرس عليهم، فنقل سابور إليها اثنى عشر الف اهل بيت من اصطخر، فأسكنهم فيها، فعقبهم بها الى اليوم، وانصرفت الروم الى أرضها، فلما تم لسابور اثنتان وسبعون سنه حضره الموت، فجعل الأمر من بعده لابنه سابور بن سابور.
فلما تم لملكه خمس سنين خرج يوما متصيدا، فنزل بمكان، وضربت