سابور ذو الاكتاف
فشاع لما مات هرمزدان في اطراف الارضين انه ليس لارض فارس ملك، وانهم يلوذون بصبى في مهد، فطمعوا في مملكه فارس، فورد جمع عظيم من الاعراب من ناحيه البحرين وكاظمه [1] الى ابرشهر وسواحل أردشير خره، فشنوا بها الغارة، واتى بعض ملوك غسان على الجزيرة في جموع عظيمه حتى اغار على السواد، فمكثت مملكه فارس حينا لا يمتنعون من عدو لوهى امر الملك.
فلما ترعرع الغلام كان أول ما ظهر من حزمه انه استيقظ ليله وهو نائم في قصره بمدينه طيسفون بضوضاء الناس لازدحامهم على جسر دجلة مقبلين ومدبرين، فقال: ما هذه الضوضاء؟، فاخبر، فقال: ليعقد لهم جسر آخر، يكون أحدهما لمن يقبل، والآخر لمن يدبر، ففعلوا، وتباشروا بما ظهر من فطنته مع طفوليته.
فلما أتت له خمس عشره سنه تجرد لضبط الملك، ونفى العدو عنه، فتأهب، وسار الى ابرشهر، فطرد من كان صار إليها من الاعراب، وقتلهم اخبث قتله.
وكذلك فعل بالجزيرة، فصار الى الضيزن الغساني، فحاصره في مدينته التي على شاطئ الفرات مما يلى الرقة [2] ، فزعموا ان ابنه الضيزن، واسمها مليكه، وزعموا ان أمها عمه سابور دختنوس ابنه نرسى، وان الضيزن كان سباها لما اغار على مدينه طيسفون، فاشرفت مليكه على عسكر سابور، وهو محاصر لأبيها، فرات سابور، فعشقته، فراسلته، على ان تدله على عوره أبيها، على ان يتزوجها، فوعدها سابور ذلك، ففعلت.