الاخبار الطوال (صفحة 403)

وكانت في خلافته فتوحات لم تكن لأحد من الخلفاء الذين مضوا مثلها قبله.

فمنها فتح بابك، واسره وقتله اياه، وصلبه، ومنها مازيار صاحب قلعه طبرستان، فانه تحصن في القلاع والجبال، فما زال به حتى اخذه، فقتله، وصلبه الى جنب بابك، ومنها جعفر الكردى، وقد كان اخرب البلاد وسبى الذراري، فوجه الخيول في طلبه، ولم يزل به حتى اخذه وقتله، وصلبه الى جنب بابك ومازيار، ومن ذلك فتح عموريه وهي القسطنطينية الصغرى، والاخرى فتحها الله على يديه.

وكان ابتداء امر بابك، انه تحرك في آخر ايام المأمون وقد اختلف الناس في نسبه ومذهبه، والذى صح عندنا، وثبت، انه كان من ولد مطهر بن فاطمه بنت ابى مسلم، هذه التي ينتسب إليها الفاطمية من الخرمية، لا الى فاطمه بنت رسول الله ص، فنشأ بابك، والحبل مضطرب، والفتن متصله، فاستفتح امره بقتل من حوله بالبذ [1] ، واخراب تلك الأمصار والقرى التي حواليه، لتصفو له البلاد، ويصعب مطلبه، وتشتد المئونة في التوصل اليه، واشتدت شوكته، واستفحل امره.

وقد كان المأمون وجه اليه حين اتصل به خبره عبد الله بن طاهر بن الحسين في جيش عظيم.

فسار اليه، ونزل في طريقه الدينور [2] ، في ظاهرها، في مكان يعرف الى يومنا هذا بقصر عبد الله بن طاهر، وهو كرم مشهور، ومكان مذكور.

ثم سار منها حتى وافى البذ، وقد عظم امر بابك، وتهيبه الناس، فحاربوه، فلم يقدروا عليه، ففض جمعهم، وقتل صناديدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015