ثم سار منها سنه اثنتين واربعين ومائه نحو البصره حتى وافاها، فبلغه ان الراونديه [1] تداعوا، وخرجوا يطلبون بثار ابى مسلم، وخلعوا الطاعة، فوجه اليهم خازم بن خزيمة، فقتلهم، وبددهم في الارض، ثم عقد لمعن بن زائده من البصره على اليمن، واقام عامه ذلك بالبصرة.
وزعموا ان عمرو بن عبيد دخل اليه، فلما رآه ابو جعفر صافحه، واجلسه الى جانبه، فتكلم عمرو، فقال:
يا امير المؤمنين، ان الله قد أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك من الله ببعضها، واعلم ان الله لا يرضى منك الا بما ترضاه منه، فإنك لا ترضى من الله الا بان يعدل عليك، وان الله لا يرضى منك الا بالعدل في رعيتك، يا امير المؤمنين، ان من وراء بابك نيرانا تاجح من الجور، وما يعمل من وراء بابك بكتاب الله ولا بسنه رسول الله، يا امير المؤمنين: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، حتى اتى على آخر السورة [2] ، ثم قال: ولمن عمل والله بمثل عملهم.
قالوا: فبكى ابو جعفر.
فقال ابن مجالد: مه يا عمرو، قد شققت على امير المؤمنين منذ اليوم.
قال عمرو: من هذا يا امير المؤمنين؟
قال: هذا اخوك ابن مجالد.
قال عمرو: يا امير المؤمنين ما احد اعدى لك من ابن مجالد، ايطوى عنك النصيحه، ويمنعك من ينصحك؟ وانك لمبعوث وموقوف ومسئول عن مثاقيل الذر من الخير والشر.