وخرج من منزله، وانا امشى معه، حتى انتهى الى باب المدينة الذى يلى دجلة، وكانت المفاتيح معه، وامر الاحراس ان يفتحوا الباب، وقال لهم: اريد الخروج لاستطلاع بعض الأمور، وانا منصرف بعد ساعه.
ثم خرج، وأمرني باغلاق الباب وأخذ المفاتيح.
فقال لي فيما بيني وبينه: إذا اصبحت فانطلق بالمفاتيح حتى تدفعها الى ابن هبيرة من يدك الى يده، واعلمه انى له هناك افضل منى له هاهنا، ثم ودعني، ومضى، وانصرفت الى منزلي.
فلما اصبحت اتيت باب قصر الإمارة، فاستأذنت على ابن هبيرة.
فقال لي الحاجب: هو قاعد في مصلاه، لم يقم عنه.
قلت: اعلمه انى أتيته في مهم.
فاذن لي.
فدخلت، وهو قاعد في محرابه، وعليه كساء بركانى [1] معلم، فسلمت عليه بالإمرة.
فرد السلام.
وقال: مهم.
فحدثته بأمر زياد بن صالح، فدمعت عيناه.
وقال: بمن تثق اليوم بعد زياد، وتوليتي اياه الكوفه، وبري به؟
فقلت: ايها الأمير: ان الله ربما جعل في الكره خيرا، وأرجو ان ينفعك الله بمكانه هناك.
فقال: لا حول ولا قوه الا بالله.
ثم قال: يا غلام، على بطارق بن قدامه القسرى.
فدخل عليه، وانا جالس عنده، فدفع اليه تلك المفاتيح.