والبحرين واليمامه بشر كثير من ولد طسم، وجديس، ابنى ارم بن سام، وكانوا من العرب العاربة، وكان ملكهم رجلا من طسم، يسمى عمليقا، وكان جائرا ظلوما، وبلغ من عتوه ان امر الا تزف امراه من جديس الى زوجها الا بدؤوه بها، فمكثوا بذلك دهرا طويلا.
وان رجلا من جديس تزوج عفيره بنت غفار اخت الأسود بن غفار عظيم جديس وسيدها، فلما أرادوا اهداءها ادخلت على الملك، فافترعها، ثم خلى سبيلها، فخرجت الى قومها في دمائها رافعه ثوبها عن عورتها، وهي تقول:
ايصلح ما يؤتى الى فتياتكم ... وأنتم رجال ثوره عدد النمل
فلو اننا كنا رجالا وكنتم ... نساء لكنا لا نقر على الذل
فبعدا لبعل ليس فيه حميه ... ويختال يمشى مشيه الرجل الفحل
فحميت من ذلك جديس، فاغتالوا عمليقا، فقتلوه على غره، وامامهم الأسود بن غفار يرتجز، ويقول:
يا ليله ما ليله ... جاءت تمشى بدم جميس [1]
يا طسم ما لاقيت من جديس ... احدى لياليك فهيس هيس [2] .
فابادوا طسما، فلم يفلت منهم الا رجل يقال له، رياح بن مره، فانه مضى على وجهه حتى اتى ذا جيشان، وهو معسكر في جنوده بنجران، فمثل بين يديه، ثم قال:
انك لم تسمع بيوم ولا ترى ... كيوم اباد الحى طسما به المكر
أتيناهم في ازرنا ونعالنا ... علينا الملاء الحمر والحلل الخضر
فصرنا لحوما بالعراء وطعمة ... تنازعها ذيب الوشيمه والنمر
[3] .