[1] قالوا: وضربت الركبان الى الشام بنعي عثمان، وتحريض معاويه على الطلب بدمه، فبينا معاويه ذات يوم جالس إذ دخل عليه رجل، فقال: السلام عليك يا امير المؤمنين، فقال معاويه: وعليك، من أنت، لله أبوك؟ فقد روعتني بتسليمك على بالخلافة قبل ان انا لها، فقال: انا الحجاج بن خزيمة بن الصمة، قال: ففيم قدمت؟، قال: قدمت قاصدا إليك بنعي عثمان، ثم أنشأ يقول:
ان بنى عمك عبد المطلب ... هم قتلوا شيخكم غير الكذب
وأنت اولى الناس بالوثب فثب ... وسر مسير المحزئل [2] المتلئب
قال: ثم انى كنت فيمن خرج مع يزيد بن اسد لنصر عثمان، فلم نلحقه، فلقيت رجلا، ومعى الحارث بن زفر، فسألناه عن الخبر، فأخبرنا بقتل عثمان، وزعم انه ممن شايع على قتله، فقتلناه، وانى اخبرك، انك تقوى بدون ما يقوى به على، لان معك قوما لا يقولون إذا سكت، ويسكتون إذا نطقت، ولا يسألون إذا امرت، ومع على قوم يقولون إذا قال، ويسألون إذا سكت، فقليلك خير من كثيره، وعلى لا يرضيه الا سخطك، ولا يرضى بالعراق دون الشام، وأنت ترضى بالشام دون العراق، فضاق معاويه بما أتاه به الحجاج بن خزيمة ذرعا، وقال:
أتاني امر فيه للناس غمة ... وفيه بكاء للعيون طويل
مصاب امير المؤمنين، وهذه ... تكاد لها صم الجبال تزول
فلله عينا من راى مثل هالك ... اصيب بلا ذحل وذاك جليل [3]