وايم الله ليأتين عليها زمان لا يرى منها الا شرفات مسجدها في البحر، مثل جؤجؤ [1] السفينة، انصرفوا الى منازلكم. ثم نزل، وانصرف الى معسكره، وقال لمحمد بن ابى بكر: سر مع أختك حتى توصلها الى المدينة، وعجل اللحوق بي بالكوفه، فقال: اعفنى من ذلك يا امير المؤمنين، فقال على: لا اعفيك منه، ومالك بد. فسار بها حتى أوردها المدينة.
وشخص على عن البصره، واستعمل عليها عبد الله بن عباس، فلما انتهى الى المربد [2] التفت الى البصره، [ثم قال: الحمد لله الذى أخرجني من شر البقاع ترابا، وأسرعها خرابا، وأقربها من الماء، وأبعدها من السماء.] ثم سار، فلما اشرف على الكوفه، [قال: ويحك يا كوفان، ما اطيب هواءك، واغذى تربتك، الخارج منك بذنب، والداخل إليك برحمه، لا تذهب الأيام والليالى، حتى يجيء إليك كل مؤمن، ويبغض المقام بك كل فاجر، وتعمرين، حتى ان الرجل من اهلك ليبكر الى الجمعه فلا يلحقها من بعد المسافه.
] قالوا: وكان مقدمه الكوفه يوم الاثنين لاثنتى عشره ليله خلت من رجب سنه ست وثلاثين، فقيل له: يا امير المؤمنين، اتنزل القصر؟، قال: لا حاجه لي في نزوله، لان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يبغضه، ولكنى نازل الرحبه، ثم اقبل حتى دخل المسجد الأعظم، فصلى ركعتين، ثم نزل الرحبه، فقال الشنى يحرض عليا على المسير الى الشام:
قل لهذا الامام قد خبت الحرب ... وتمت بذلك النعماء
وفرغنا من حرب من نكث العهد ... وبالشام حيه صماء
تنفث السم، ما لمن نهشته ... فارمها قبل ان تعض شفاء
قالوا: وان أول جمعه صلى بالكوفه خطب، فقال: الحمد لله احمده،