ودعا بالصاغه، فاتخذوا للنخارجان تاجا من ذهب مكللا بالجوهر الثمين، فتوجه به، فبقى ذلك التاج وتلك الحلى عند ولد بنى المرأة، فلما وقعت الحرب بناحيتهم ساروا به الى قريه لأبيهم، سميت باسمه، يقال لها الخوارجان وفيها بيت نار، فاقتلعوا الكانون [1] . ودفنوا الحلى تحته، وأعادوا الكانون كهيئته.
فقال له السائب: ان كنت صادقا فأنت آمن على اولادك وضياعك واهلك وولدك، فانطلق به حتى استخرجه في سفطين: أحدهما التاج، والآخر الحلى.
فلما قسم السائب الغنائم بين من حضر القتال، وفرغ حمل السفطين في خرجين على ناقته، وقدم بهما على عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكان من امرهما الخبر المشهور، اشتراهما عمرو بن الحارث بعطاء المقاتله والذرية جميعا، ثم حملهما الى الحيرة فباع بفضل كثير، واعتقد بذلك اموالا بالعراق، وكان أول قرشي اعتقد بالعراق، فقال عروه بن زيد الخيل يذكر ايامهم:
الا طرقت رحلي وقد نام صحبتي ... بايوان سيرين المزخرف خلتي
ولو شهدت يومى جلولاء حربنا ... ويوم نهاوند المهول استهلت
إذا لرأت ضرب امرى غير خامل ... مجيد بطعن الرمح اروع مصلت
ولما دعوا يا عروه بن مهلهل ... ضربت جموع الفرس حتى تولت
دفعت عليهم رحلتي وفوارسى ... وجردت سيفي فيهم ثم التي
وكم من عدو اشوس متمرد ... عليه بخيلى في الهياج اظلت
وكم كربه فرجتها وكريهة ... شددت لها ازرى الى ان تجلت
وقد اضحت الدنيا لدى ذميمة ... وسليت عنها النفس حتى تسلت
واصبح همى في الجهاد ونيتى ... فلله نفس ادبرت وتولت
فلا ثروه الدنيا نريد اكتسابها ... الا انها عن وفرها قد تحلت
وماذا ارجى من كنوز جمعتها ... وهذى المنايا شرعا قد اظلت