العساكر كلها الجزيرة، وسار هرقل نحوهم، فواقعهم، فهزمهم حتى بلغ بهم الموصل.
وذلك بلغ كسرى، فخرج في جنوده نحو الموصل، وانضم اليه قواده الثلاثة، وسار نحو هرقل، فاقتتلوا، فانهزم الفرس، فلما راى ذلك كسرى غضب على عظماء جنوده ومرازبته [1] ، فامر بهم، فحبسوا ليقتلهم.
ولما راى اهل المملكة ذلك تراسلوا، وعزموا على خلع كسرى، وتمليك ابنه شيرويه بن كسرى، فخلعوه وملكوا شيرويه، وحبسوا كسرى في بيت من بيوت القصر، ووكلوا به حيلوس رئيس المستميته، وكان ذلك سنه تسع [2] من هجره النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وان شيرويه امر ان ينقل بابيه من دار المملكة، فيحبس في دار رجل من المرازبه، يسمى هرسفته [3] ، فقنع راسه، وحمل على برذون [4] ، فانطلق به الى تلك الدار، فحبس فيها، ووكل امره حيلوس في خمسمائة من الجند المستميته.
ثم ان عظماء اهل المملكة دخلوا على شيرويه، وقالوا: انه لا يصلح ان يكون علينا ملكان اثنان، فاما ان تامر بقتل ابيك وتنفرد بالأمر، او نخلعك ونرد الأمر اليه كما كان.
فهدت شيرويه هذه المقاله، فقال: اجلونى يومى هذا.
ثم امر يزدان جشنس رئيس كتاب الرسائل، فقال له: انطلق عن رسالتنا