أنَّ حُكمَ الحاكم لا يجبُ أن يَتَّصل به اللفظ، بل تأخُّرُ الإِشهادِ عن الحكم لا يَقدح، لأنه إِنما هو إِخبار عما فَعَله في نفسه، بخلاف لفظِ المُطَلِّقِ والمُعْتِقِ لا بُدَّ من مُقارنتِه للإِنشاء في النفس، لأنَّ صاحب الشرع جَعَل مجموع الأمرينِ أعني النَّفْسانيَّ واللّسانيَّ سببًا للطلاق على مشهور مذهب مالك. ومَنْ لا يَرى الكلامَ النفسانيَّ معتبَرًا في اللساني كَفَى عنده اللّسانيُّ فقط (?).
فعلى هذا المذهبِ يَسقطُ البحثُ في المقارنة، لإنفرادِ اللفظ حينئدٍ عند هذا القائل، والمقارنَةُ لا تكون إِلَّا بين شيئين، واللفظُ وحده حينئدٍ عند هذا القائل: كافٍ، وهو غيرُ مشهورِ مذهب مالك.
وقولُ جماعة من العلماء: (إِن صريحَ الطلاقِ كاف لا يُحتاجُ معه إِلى أمير آخر): أي في النَّفْس.
فظهر الفرقُ بين لفظِ الحاكم بعدَ الحكم وألفاظِ الطلاقِ وغيرِها، وأنَّ لفظَ الحاكم لا يُشتَرطُ فيه المقارنة، بخلاف غيره. وكذلك كتابةُ الحاكم إِلى حاكم آخر بما حَكم به قد تكون عقيبَ حُكمه، وقد تتأخرُ عن الحُكم، لأنها إِعلام، والإِعلامُ والإِخبارُ قد يَتأخَّرُ عن المخبَرِ عنه (?).